لقاء حصريّ مع خرّيجة المتنبّي الإخصائيّة والباحثة سهير نمر سرّيّة-قنانبة: المدرسة ليست بالعارِض العبثيّ في حياتنا

مراسل حيفا نت | 31/01/2019

المتنبّي حكاية أجيال وراية بقاء

لقاء حصريّ مع خرّيجة المتنبّي الإخصائيّة والباحثة سهير نمر سرّيّة-قنانبة: المدرسة ليست بالعارِض العبثيّ في حياتنا

كتَبَت وحاورت: رقيّة عدوي- مُدّرِسة في مدرسة المتنبّي

كانت الطريق مزدحمةً بالأشواك والحجارة، لم تأبه لوعورة الطريق أو طول المسيرة، من صفوف المتنبّي العلميّة طرقت أبواب العالميّة وزاحمت على المراتب المتقدّمة في الشرق الأوسط، كانت تبحثُ عن وجوه عربيّة تُشاركها مسيرتها، فكانوا عربًا مُغتربين وكانت هي من أوائِل العربيّات اللاتي خضن مجالًا يُعرف بمجال طبّ النوم، الذي يُعنى بتشخيص وعلاج اضطرابات النوم. هي لا تُشبِهُ إلّا نفسَها، ولها حكايتها التي تحكيها كما يليق بطالبةٍ مُجِدّة ومحاضرة لامعة أبت إلّا وأن تحقّق ما ظنّته يومًا مستحيلًا.

سهير نمر سرّيّة-قنانبة، مسيرة بحثيّة وعمليّة مُرصّعة بإنجازات لا تُشبه إلّا نشاطها وألَقَها في حوار خاصٍّ وحصريّ مع المتنبّي.

هل لكِ أن تُعرّفيننا إلى شخصك الكريم؟

سهير نمر سرّيّة-قنانبة، خرّيجة من خرّيجات مدرسة المتنبّي، متزوّجة وأم لطفل، التحقتُ بمعهد العلوم التطبيقيّة “التخنيون” لأدرس الهندسة الكيميائيّة ونلتُ كذلك شهادة تدريس، بحثتُ بعد التخرّج عن عمل في المصانع المختلفة ومعامل الأدوية دون جدوى، ويعود ذلك لسببين الأوّل جندريّ وذلك لتفضيل الذكور على الإناث في تلك الفترة في سوق العمل بالإضافة لعدم خدمتي في الجيش. كنتُ أمام خيارين، إمّا الوقوف على أطلال اللقب والبكاء على الحظّ أو أن أُشمّر عن ساعد الجدّ لأدرُس موضوعًا آخر.

وعلى أيّ موضوع وقع اختيارك؟

اخترت دراسة الهندسة الطبّيّة هذه المرّة. في السنة الأخيرة تسنّى لي التطبيق في مستشفى رمبام، ولم أكتفِ وقتها بالتطبيق بل تطوّعت في عدد من الأقسام، وفي يوم جذبني قسم النوم في مستشفى رمبام، الفضول وحبّ الاستطلاع وقفا خلف رغبتي بالدخول إليه، دخلت، وهناك بدأت رحلة الشغف الطويلة. في البداية قال لي رئيس القسم بأنّ لا شواغر لديهم بالقسم، فقلت له بأنّني لا أبحث عن عمل. واكتفيتُ بالتواجد ومشاهدة ما يحدُث في القسم بهدف التعلّم واكتشاف كلّ ما هو جديد ومثير، إلى أن عرضوا عليّ العمل، تقدّمت بالمجال إلى أن تولّيت رئاسة القسم في فترة من الفترات بالإضافة لرئاسة أقسام أخرى.

وكيف تكاملت ملامح مسيرتك في العمل مهنيًّا وبحثيًّا؟

تسنّى لي لاحقًا السفر للولايات المتحدّة الأمريكيّة لأتخصّص بطبّ النوم وتشخيص الاضطرابات المختلفة، ضمن قسم طبّ النوم في مستشفى رمبام والتابع لمعهد التخنيون. في رصيدي البحثيّ ما يُقارب الـ 36 مقالة علميّة تتحدّث عن الموضوع وتتناول جوانبه المختلفة، نُشرت هذه الأبحاث في المجلّات الأكاديميّة-الطبّيّة والمحكّمة. علاوة على ذلك قدمت الكثير من المحاضرات في هذا المجال داخل البلاد وخارجها كهولندا وألمانيا والجامعة الأمريكيّة في جنين كما ودُعيت للمشاركة في المؤتمر الأوّل لطبّ النوم في القاهرة وقدّمت كذلك المحاضرات في مستشفى المنصورة.

لا أخفي سرًّا بأنّني كنت أبحث بين الوجوه خارج البلاد عن وجوهٍ عربيّة من دول عربيّة يخوضون غمار هذا المجال دون جدوى، كانوا عربًا مغتربين، كنت أنا الوحيدة من أوائل العربيّات المتخصّصات في هذا المجال. لم يكن الأمر هيّنًا ولكنّني فعلتها.

ماذا عن مدرستك المتنبّي؟ هل كانت المتنبّي جزءًا، ولو كان بسيطًا، ممّا أنت عليه اليوم؟

المتنبّي هي مدرستي التي قضيت بها جزءًا من حياتي، المتنبّي هي البداية. فيها كان اللقاء مع معلّمين ومعلّمات يتسمون بالمهنيّة والكفاءة، أنا أستحضر تعاملهم الراقي وأسلوبهم المهنيّ معنا كطلّاب، عندما أقدّم المحاضرات أستحضر ميزات هؤلاء المعلّمين كالصدق بالعطاء والتعامل مع الطالب كصديق، الاهتمام بالطالب بشكل شخصيّ وكينونته بالإضافة للاهتمام بمشاعره. عدا عن تحفيز المعلّمين لنا وتشجيعهم وإثارة مكامن التفكير عندنا من خلال شرح المادّة دون التنازل عن مركّباتها التحليليّة والأسلوبيّة، كلّها أمور ميّزت المتنبّي التي كانت كالحاضنة تحتضن الطلّاب بجميع حالاتهم، لا يمكننا أن نتجاهل مركزيّة المدرسة في حياة الإنسان فهي مرحلة بناء وصقل شخصيّة الإنسان.

هل من كلمة أخيرة؟

اعتدنا وكطلّاب أن نتذمّر من بعض الموادّ الدراسيّة، ونصنّف بعض التخصّصات على أنّنا لا نحتاجها مستقبلًا، اكتشفت لاحقًا أنّها فكرة خاطئة، نحن نحتاجُ كلّ شيء. قد يقول قائل بأنّنا لا نحتاج نظريّة فيثاغورس مثلًا في حياتنا ومستقبلنا كما هي مكتوبة، لكنّني أقول بأنّنا فعلّا نحتاجها كمضمون، فحوى ونظرة للحياة.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *