الدكتور سهيل أسعد: سأواصل دعم أعضاء البلديّة الجُدُد

مراسل حيفا نت | 04/10/2018

الدكتور سهيل أسعد: سأواصل دعم أعضاء البلديّة الجُدُد
• قرّرت عدم الترشّح وإتاحة المجال أمام طاقات شابّة قادرة على مواصلة العمل
• “الجبهة” هي الأقدر على صنع التوازن بين الكرامة الوطنيّة والحقوق اليوميّة

حيفا – لمراسل خاصّ – وقف الدكتور سهيل أسعد على رأس قائمة “الجبهة” لانتخابات بلدية حيفا عام 2013، وشغل مهمّة نائب رئيس البلدية مدّة سنتين، تقريبًا (2014-2016)، تمّ خلالها تحقيق العديد من الإنجازات الهامّة على عدّة مستويات، من بينها قضايا عالقة منذ عدّة سنوات. وعشيّة العملية الانتخابية الحالية قرّر الدكتور أسعد عدم ترشيح نفسه لدورة جديدة. وقد كان لنا معه هذا الحوار.
sohel
حيفا: لماذا قرّرت عدم الاستمرار لدورة إضافية في المجلس البلديّ؟
د. أسعد: لقد أخذت على عاتقي مهمّة معيّنة قبل خمس سنوات، بناءً على تكليف من الحزب الشيوعي و”الجبهة”، لقيادة قائمة “الجبهة” في الانتخابات، مع زميلتي الرفيقة عرين عابدي – زعبي. خدمنا معًا في هذه الدورة وعملنا على عدّة جبهات. حقّقنا إنجازات هامّة، نجحنا في عدّة أمور على مستوى الأحياء والتربية والتعليم والمراكز الجماهيرية وإقامة صندوق منح للطلاب الجامعيّين، ناهيك عن معالجة مئات التوجّهات العينيّة من مواطنين وعائلات في قضايا مختلفة. وبطبيعة الأمر لم نحقّق كلّ ما نصبو إليه وكلّ ما يصبو إليه جمهورنا من قضايا ومطالب وحقوق. فنحن نعاني من سياسة تمييز وإهمال متراكم منذ عشرات السنين، تحتاج إلى سياسة تمييز مصحّح واتّباع نهج العدالة التوزيعية الذي يعطي الأولوية للأحياء والمجموعات التي هُمّشت في الماضي، وخصوصًا أحياءَنا العربية.
لقد فكّرت كثيرًا في مسألة الاستمرار لدورة إضافية. فلا يخفى على أحد أنّني تعرّضت لظروف صحّية أثّرت على قدرتي على الحركة لفترات معيّنة. كما أنّني لا يمكن أن أهمل عيادتي ومرضايَ. ومن جهة ثانية فقد كانت لدينا بدايات لعدّة مشاريع وسيرورات تحتاج إلى متابعة واستمرارية.
وفي نهاية المطاف، قرّرت عدم الترشّح وإتاحة المجال أمام طاقات شابّة قادرة على مواصلة العمل: الرفيق رجا زعاترة، الذي تابع ورافق عمل الكتلة في السنوات الأخيرة عن كثب وهو إنسان مثابر ونشيط جدًّا، والمستشارة التنظيمية شهيرة شلبي، صاحبة الرصيد الكبير في عدّة مجالات وخصوصًا مجال الرفاه والتربية والتعليم والتنظيم الجماهيريّ والعمل الاجتماعيّ والنسويّ، والمحاضرة د. أورنات تورين، رئيسة قسم الإعلام في كلّية “ﭼـوردون” ورئيسة لجنة المحاضرين في الكلّية، والناشطة في عدّة حركات يسارية مشتركة لليهود والعرب. ونحن من جهتنا سنواصل متابعة القضايا ومرافقة أعضاء البلدية الجُدُد ودعمهم على طول الطريق.
حيفا: ما الذي ميّز الدورة الأخيرة؟ وكيف تقرأون الخارطة اليوم؟
د. أسعد: هناك عدّة أمور متناقضة. فالأوضاع السياسية العامّة في البلاد في هذه الفترة لم تكن هيّنة، من حيث تعاظم المُناخ العنصريّ-الفاشيّ وتصاعد التحريض على المواطنين العرب، ما ألقى بظلاله علينا في حيفا، أيضًا. فحيفا ليست جزيرة معزولة. وبالمقابل ثمّة في حيفا واقع مختلف وجوّ مختلف، فالحضور العربيّ واضح وبارز للعِيان وهناك محاولات للحدّ من هذا الحضور والتحريض علينا وحتّى على رئيس البلدية في هذا الخصوص. ويجب أن نتصدّى لهذا بكلّ حزم وألّا نسمح بتحويل التحريض العنصريّ إلى دعاية انتخابية، مثلما حدث، مؤخّرًا، في هجوم المرشّح، داﭬـيد عتسيوني، على العرب وعلى قائمة “الجبهة” ورئيسها، رجا زعاترة.

حيفا: لقد كنتم جزءًا من الائتلاف البلديّ. كيف تقيّمون سياسة رئيس البلدية ياهـﭫ تجاه العرب في حيفا؟
د. أسعد: يونا ياهـﭫ يرأس بلدية حيفا منذ 15 عامًا. لقد كنّا جزءًا من الائتلاف في هذه الدورة. ولكنّنا كنّا بمثابة “معارضة داخل الائتلاف”. لم نتّفق دائمًا مع رئيس البلدية ومواقفه السياسية وبعض قرارات الإدارة. لم يكن سهلًا تغيير وجهة نظر إدارة البلدية وكبار الموظفين في قضايا الأحياء المختلفة. ولكنّ الحلّ هو المثابرة والإصرار وعدم التراجع عن المطالب والقضايا.
وإلى جانب الاختلافات في الرأي، كانت لياهـﭫ مواقف هامّة على المستوى السياسيّ أيضًا؛ كرفض التحريض الحكوميّ على العرب في قضية حرائق الكرمل، وعدم الرضوخ لضغوطات وزيرة الثقافة ومحاولتها إلغاء نشاطات ثقافية في المدينة.
على وجه العموم كان يمكننا الجلوس في المعارضة وإبداء رأينا والاعتراض هنا وهناك، ولكنّنا نرى أنّ جمهورنا أعطانا الثقة لكي ندخل ونغيّر ونؤثّر، وهذا ما حاولنا فعله قدْر الإمكان.

حيفا: في المرّة الماضية لم تدعم “الجبهة” أيًّا من مرشّحي الرئاسة، ولكن معظم العرب صوّتوا لياهـﭫ. ما هو موقفكم هذه المرّة؟
د. أسعد: لم نتّخذ بعد موقفًا رسميًّا لأنّنا لم نجلس مع كلّ المرشّحين ولم نطرح المطالب والقضايا الأساسية. من الواضح أنّ مرشّحي اليمين مثل زلتسمان، والذين يحرّضون علينا، مثل عتسيوني، ليسوا خِيارًا بالنسبة إلينا. جزء من جمهورنا يؤيّد ياهـﭫ وجزء آخر يعقد آمالًا على كاليش، مع أنّ الأخيرة لم تهتمّ بقضايا السكّان العرب أو الأحياء العربية، وتهرّبت من اتّخاذ مواقف جريئة. من المحتمل أن تكون هناك جولة ثانية. وعلى أيّ حال سنتّخذ موقفنا حسَب تجاوب المرشّحين مع قضايانا ومع مطالبنا.

حيفا: ما هي أبرز المطالب والاحتياجات؟
د. أسعد: هناك مطالب عديدة تتعلّق بالتربية والتعليم. فما زال حولي 65% من طلّابنا العرب يتعلّمون في المدارس الأهلّية، ونحن طبعًا نثمّن دور هذه المدارس ولكن على الحكومة والبلدية اتّخاذ خطوات لتقوية التعليم الرسميّ واستيعاب المبادرات التربوية الجديدة، مثل “حوار” والمدرسة الثنائية اللّغة والمدرسة الأنثروﭘـوسوفيّة وغيرها. يجب توفير خدمات تربوية وثقافية، ليس في الأحياء العربية، فقط، وإنمّا، أيضًا، في الأحياء الجديدة جنوب حيفا، حيث يوجد إقبال كبير من الأزواج الشابّة العربية. هناك قضية الحضانات اليومية التي تابعناها في السنوات الأخيرة وتمّ تخصيص قطعة أرض وراء المستشفى الإيطاليّ. هناك قضية توسيع الكلّية الأرثوذكسية ومدرسة راهبات الناصرة. وفي السنوات الأخيرة هناك قفزة في المدارس الرسمية من حيث الاستثمار والنتائج والتحصيل، وهناك علاقة أفضل بين البلدية والمدارس الأهلّية. التعليم هو رافعة أساسية للتطوير والحَراك الاجتماعيّ، وهو عامل جذب أساس للكثير من العائلات العربية التي تسكن في حيفا.
في مجال السكن هناك مطالب متنوّعة، فأحياؤنا التقليدية مكتظّة وتعاني نقصًا في الخدمات ومواقف السيّارات وغيرها. وبالمقابل يبحث شبابنا عن دور في المناطق القريبة من المركَز العربيّ، حيث المدارس. نحن نريد أن تكون حيفا كلّها مفتوحة أمام شبابنا، ونريد أن نكون جزءًا من حركة التطوير المتسارعة في الحزام الملاصق للبحر، من وادي الجِمال وحيّ المحطّة حتّى حيّ الحليصة. ولكن نريد أن يكون هذا التطوير من أجل السكّان وليس على حساب السكّان، وليس خدمة لأصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين من تل أبيب.
وطبعًا ما لا يقلّ أهمّية هو الحفاظ على حيفا كنموذج للعيش المشترك والحياة المشتركة، على أساس الندّيّة والمساواة والاحترام المتبادل. فنحن أهل البلد وأصحاب حقّ ولسنا ضيوفًا. وكلّنا يعي جيّدًا الوضع السياسيّ العامّ في البلاد، فمن واجبنا أن نحمي أنفسنا ونحمي الإنجازات التي راكمناها على مدار سنوات في حيفا، وألّا نسمح بتحوّل العنصرية إلى مشهد طبيعيّ في المدينة. ومن هنا يأتي موقف “الجبهة” التاريخيّ المعروف، بالنضال المشترك مع القوى الديمقراطية العاقلة في الشارع اليهودي، كيْلا نكون وحدنا في المعركة ولكيْلا نسمح لأحد بعزلنا.

حيفا: كلمة أخيرة توجّهها إلى قرّاء “حيفا”؟
د. أسعد: لم يبدأ نشاطي الجماهيريّ في الانتخابات السابقة ولا ينتهي في هذه الانتخابات. كانت هذه تجربة مثيرة بالنسبة إليّ، حاولت من خلالها أن أخدم شعبي ومجتمعي بأمانة وإخلاص، رغم كلّ الظروف الموضوعية والذاتية. أقول للقرّاء ولكلّ أهلنا في حيفا إنّ الحقوق تؤخذ ولا تُعطى، وهي تؤخذ بنضال جماعيّ مدروس ومثابر وليس بالوساطات. علينا أن نصوّت بكثافة في هذه الانتخابات وأن نعطي ثقتنا لمن هم جديرون بحملها ومواصلة هذا الطريق. هذا الطريق ليس سهلًا ولكنّه طريق يحفظ كرامتنا الوطنية، وفي الوقت نفسه يضمن حقوقنا اليومية. ولا نريد التفريط بكرامتنا ولا بحقوقنا. وأدعو الجميع لدعم قائمة “الجبهة” لأنّها الأقدر على القيام بهذا التوازن رغم كلّ الصعوبات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *