قبل “وِيفا” و”فِيفا” وبعدهما يظلّ حبيبَ حيفا

مراسل حيفا نت | 02/10/2018

قبل “وِيفا” و”فِيفا” وبعدهما يظلّ حبيبَ حيفا

أسعد موسى عودة
الكبابير \ حيفا

في ذكرى هبّة تشرين البواسل، الأبيّة العصيّة على أيّ تعريف أو مقال مُقاتل، والّتي أسفرت عن ارتفاع ثلاثة عشر شهابًا ثقّابًا في سماء المثلّث والجليل، ستظلّ، أبدًا، تنير لنا الطّريق إلى تحدّي الموت وإرادة الحياة؛ وفي ضوء التّطوّرات الخطيرة على ساحة الصّمود الأسطوريّ عند السّاحل السّوريّ، حيث بسطت “روسيا الاتّحاديّة العربيّة” كفّها التّاريخيّة للدّولة البعثيّة لتضرب بها براثن العبثيّة، بشبكة صواريخ الدّفاع الجويّ “إس ثلاثمائة” المرعبة، وأطلقت نظام التّشويش الجويّ الإلكترومغناطيسيّ على السّاحل الشّرقيّ للمتوسّط، وقالت لفيالق الحرس الثّوريّ الإيرانيّ بألّا مانع لديها من أن تعود وتستحكم عند أنف الغزالة؛ كلّ ذلك كردّ فعل على غطرسة غبيّة أدّت إلى إسقاط طائرة الاستكشاف الرّوسيّة بخمسة عشر عسكريًّا روسيًّا كانوا على متنها، حيث صرّح المتحدّث الرّسميّ باسم وزارة الدّفاع الرّوسيّة، اللّواء إيـﭽـور كوناشينكوف، بأنّ “المعطيات المتوافرة […] تُثبت أنّ المسؤوليّة الكاملة عن كارثة طائرة “إيليوشين 20″ الرّوسيّة تقع على عاتق القوّات الجويّة الإسرائيليّة ومن اتّخذوا القرار بشأن هذه العمليّة. وإنّ كافّة التّصريحات الخجولة للعسكريّين الإسرائيليّين حول عدم ضلوع الجانب الإسرائيليّ بالكارثة […] كاذبة”. “مبروك بطن ساره”؛ علمًا أنّ “روسيا الاتّحاديّة العربيّة” تفعل ذلك، أيضًا وطبعًا، دفاعًا عن حَيَوات عسكريّيها على الأراضي العربيّة السّوريّة، ودفاعًا عن مصالحها الإستراتيجيّة الإقليميّة والدّوليّة العُليا، في وجه الإمبرياليّة الأمريكيّة السّافلة السُّفلى، وبناتها الشّرعيّات والأُخريات الدَّعِيّات، وهل من عيب في دَرْء من لا يعرفون العيب..
ففي ذكرى هبّة البواسل الأحرار الأقحاح الخوالص تلك، وبعيدًا أو قريبًا من المعترك الجيوسياسيّ أعلاه، اخترتُ أنا الحديث في هذا المقال عن أسطورة كرة القدم العالميّة، المصريّ العالميّ أبي مكّة، محمّد صلاح. فهذه المرّة، أيضًا، في نهائيّ اختيار أفضل لاعب على مستوى العالم (بإدارة “فِيفا”) للموسم الكرويّ الفائت، كما في نهائيّ اختيار أفضل لاعب في القارّة العجوز (بإدارة “وِيفا”)، إلى جانب البرتغاليّ رونالدو والكرواتيّ مودْريتْش، لم يحظَ أبو مكّة بالجائزة، إذ حلّ ثانيًا أو ثالثًا؛ بيد أنّه اجترح، قَبْلًا وبَعْدًا، جوائز عدّة وجِدَّ مهمّة، ولعلّ أهمّها جائزة أفضل لاعب في الدّوريّ الإنـﭽـليزيّ للموسم الفائت، وجائزة هدّاف الدّوريّ الإنـﭽـليزيّ للموسم نفسه، والآن جائزة ﭘـُوشْكاش لأفضل وأجمل هدف في ذلك الموسم.
لكنّ الطّامّة الكبرى يا عرب، ليست في عدم تتويج محمّد صلاح بالجائزة، بل هي في ما رشح من معلومات عن الاتّحاد الدّوليّ لكرة القدم (“فِيفا”)، عن أنّ قادة المنتخبات العربيّة الّذين لهم هم، أيضًا، حقّ التّصويت في هذه الجائزة، لم يعطِ السّواد الأعظم منهم صوته لمحمّد صلاح! “إخْس عَلِيكو إذا كان هالْحَكي صحيح”..
ثمّ ماذا سيفعل محمّد صلاح (“مُو صَلاه”) ابن الخمسة والعشرين ربيعًا بمليون شاقل كلّ أسبوع! نعم، مِائتا ألف جنيهٍ إسترلينيّ (نحو مليون شاقل إسرائيليّ جديد) هو المبلغ الّذي سيتقاضاه محمّد صلاح (“مُو صَلاه”)، أبو مكّة، كلّ أسبوع، بناءً على العقد الّذي وقّعه، يوم الاثنين، 2 تمّوز الفائت، لخمس سنوات قادمة وبدون بند تسريح، مع نادي لـﭭرﭘـول الإنـﭽـليزيّ لكرة القدم، الّذي تألّق صلاح في صفوفه في الموسم الأخير، كما لم يتألّق من قبلُ أحد. وهو بذلك وغيره يكون خامس أغلى لاعب كرة قدم على مستوى العالم، بمبلغ تسريح ظلّ يقفز ويقفز حتّى وصل – خلال زمن قياسيّ تاريخيّ غير مسبوق – إلى 177 (نعم، مِائة وسبعة وسبعين) مليون يورو.
وبعيدًا أو قريبًا من الاعتبارات المهْنيّة وغير المهْنيّة لعدم تتويج محمّد صلاح بإحدى أو بكلتا الجائزتين الكُبريَيْن أعلاه، وتتويج الكرواتيّ بكلتيهما، إنّا لنرجو لهذه الأيقونة المصريّة العربيّة الإفريقيّة العالميّة أن تظلّ تتلألأ، حَرْفَنة وأخلاقًا وتواضعًا وإيمانًا. وإنّك، أبا مكّة، قبل “وِيفا” و”فِيفا” وبعدهما تظلّ حبيبَ حيفا.
أَكْفاء أم أَكِفّاء؟
إنّ للأَكْفاء معنًى كما للأَكِفّاء معنًى، لكنْ شتّان بين المعنيَيْن، وما أقبحَ أن يُقال، مثلًا: معلّمون أَكِفّاء، قاصدين قول: معلّمون أَكْفاء؛ فأَكِفّاء جمع كَفيف، والكَفيف هو من فقد نعمة البصر، أمّا أَكْفاء فهي جمع كُفْء وكُفُؤ، والكُفْء أو الكُفُؤ هو القويّ القادر على تصريف العمل.
وماذا بعد؟
في جَعبتي لعيونِكُمُ الكثير ولكنّ الوقت قصير، وما حُمِّلتُهُ أشفقتْ منه الحمير، والدّرب أبعد من طريق الحرير، لكنْ عهدي أن أظلّ أسير. فصبرًا جميلًا، صبر الصَّبير، والله المستعان على التّدبير، إنّه نعم المولى ونعم النّصير.
ولِي عودة منكم إليكم أيّها الأعزّة – إن شاء ربّ العزّة – للحديث، أبدًا، عن لُغتنا ونحْن.
Haifa236.indd

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *