“ارتفاع الكوليسترول الضار LDL قد يؤدي الى تصلب الشرايين والموت المفاجئ”

مراسل حيفا نت | 08/02/2018

د. رياض محاميد، اختصاصي السكري والغدد الصماء والأمراض الباطنية يتحدث عن الكوليسترول ومضاعفاته:
“ارتفاع الكوليسترول الضار LDL قد يؤدي الى تصلب الشرايين والموت المفاجئ”
“درهم وقاية خير من قنطار علاج لذلك يجب اجراء فحوصات الدم للكوليسترول والسكر، ترك الدخان، قياس ضغط الدم، ممارسة الرياضة، وتجنب الأغذية التي تحتوي على الدهون المشبعة والنشويات”
“توجد اليوم علاجات حديثة وفعالة لخفض نسبة الكوليسترول الضار بـ %60 ومشمولة في سلة الأدوية وأنصح المرضى بمراجعة الأطباء”

يعتبر الكوليسترول من المواد الحيوية التي يحتاجها الجسم لأداء وظائفه بشكل سليم، لكن ارتفاع الكولسترول قد يؤدي الى تصلب وانسداد في الشرايين، ويجعل الإنسان أكثر عرضة للإصابة بأمراض مختلفة كأمراض القلب والجلطة الدماغية وغيرها. للحديث عن الكوليسترول وماذا يعني الكوليسترول الجيد والسيء – HDL و LDL، وما الذي يمكن فعله للسيطرة على معدلات الكوليسترول السليمة، التقينا د. رياض محاميد، اختصاصي السكري والغدد الصماء والأمراض الباطنية في مستشفى رمبام، ومركز السكري وأمراض الغدد الصماء في كلاليت في لواء شارون شومرون.
د. رياض محاميد استهل حديثه وقدم شرحا عن الكولسترول وقال: “يعتبر الكوليسترول مادة حيوية للجسم، ويستخدمها الجسم لعدة أغراض حيث يحتاجها لبناء مواد هامة منها انتاج الهرمونات والتي معظم مصدرها الكوليسترول، كما ويحتوي غلاف الخلايا على نسبة عالية من الدهنيات والكوليسترول، اما مصادر الكوليسترول فهي تقسم الى مصدرين، المصدر الأول هو الكبد الذي ينتج الكوليسترول لتوفيره للجسم لأداء المهام التي ذكرناها، والمصدر الآخر هو الطعام، فعندما يجري الشخص فحص الكوليسترول ينظر الى 3 عوامل أساسية هي: الأحماض الدهنية – التريغليسيريد (الدهون الثلاثية)، حيث تتأثر جدا بالطعام واللياقة البدنية، العامل الثاني هو الـ LDL (الكوليسترول السيء) والذي يتجدد بالأساس من خلال انتاج الكبد لهذا النوع من الكوليسترول، وهذا النوع من الكوليسترول هو النوع الذي يتراكم في الجدار الداخلي للشرايين ويؤدي الى تصلب الشرايين، وبشكل عام هنالك علاقة بينه وبين أمراض أخرى مثل السكري، والعامل الثالث HDL (الكوليسترول الجيد) – في الحقيقة، عندما نتحدث عن الـ HDL والـ LDL فإننا نتحدث عن ناقلات للكوليسترول، والـ HDL عمليا ينقل الكوليسترول من جدار الأوعية الدموية الى الكبد، ومستوى ال HDL يكون منخفضاً لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة الزائدة ولا يمارسون الرياضة ولديهم لياقة بدنية متدنية ومرضى السكري”.
أما عن الأَضرار التي تحدث بسبب ارتفاع الكوليسترول فقال: “عندما نتحدث عن مضار الكوليسترول فاننا نصب اهتمامنا على الـ LDL وهو ناقل الكوليسترول الذي يؤدي في نهاية المطاف الى تصلب الشرايين، ومن المهم ان نتبع القاعدة الصحية القيمة “درهم وقاية خير من قنطار علاج” ينطبق انطباقاً تاماً على موضوع الكوليسترول حيث يتراكم على جدران الأوعية الدموية ومنها الشرايين التاجية (شرايين القلب)، شرايين الرقبة او الدماغ او القدمين، وبالتالي ان لم يقم الشخص بالعلاج المناسب فيؤدي ذلك الى الجلطة القلبية او الدماغية او إلى انسداد الشرايين في القدمين وبالتالي عدم القدرة على الحركة والحاجة في بعض الأحيان الى بتر الساقين في حالات متطرفة، لكن جدير بالذكر التطرق الى عدة عوامل مركزية تساهم في تصلب الشرايين الى جانب مستوى الكولسترول المرتفع وأهمها السكري والتدخين وضغط الدم غير المتوازن وفي بعض الحالات تساهم ايضا العوامل الوراثية”.
د. رياض محاميد
ومضى د. رياض محاميد في حديثه وقال: “عام 2015 توفي في العالم حوالي 17.7 مليون شخص بسبب تصلب الشرايين، عمليا ثلث أسباب الوفاة في العالم كانت بسبب تصلب الشرايين وهذه نسبة هائلة، بفضل العلاج عدد الوفيات بسبب تصلب الشرايين آخذ بالتناقص لكن المرض هذا مازال قائما وشائعا. لدى اشخاص معينين كمرضى السكري حتى وان كان مستوى الكوليسترول السيئ LDL منخفضا أكثر ممن لا يعانون من السكري، يكون احتمال اصابتهم بتصلب الشرايين أعلى، والمجتمع العربي يعاني كثيرا من ارتفاع نسبة المصابين بالسكري وبالسمنة الزائدة وكثير من الاشخاص في المجتمع العربي (حوالي 14-15%) فوق جيل 18 يعانون من السكري، ومن المعلوم أن حوالي %78 من مرضى السكري يعانون من درجة مرتفعة من الكوليسترول وهذا الدمج يساهم بقوة في حدوث تصلب الشرايين. أضف الى ذلك ان حوالي %25 من المجتمع العربي فوق جيل الـ 18 يعاني من السمنة الزائدة والسمنة الزائدة تساهم بشكل رئيسي في انخفاض الكوليسترول الجيد – HDL ، وهذا يعرضهم أكثر وأكثر إلى تصلب الشرايين”.

اما عن الوفاة جراء تصلب الشرايين فقال: “نسمع أحيانا عن الموت الفجائي، وهنا يدور الحديث عن اشخاص كان لديهم تصلباً في الشرايين لكنهم لم يعيروا الاعراض السابقة لهذا بالاً وفي بعض الأحيان لم يشعروا بالأعراض النابعة عن تصلب الشرايين ومنها الذبحة الصدرية او اوجاع في الصدر والتي تحدث مع الاشخاص لدى السير او بذل المجهود ومع ضيق في التنفس، وعندما تحدث الجلطة القلبية فهم يكونون عرضة للموت المفاجئ . يجدر التنويه الى أن وجود أعراض تصلب الشرايين في أعضاء أخرى تضع المريض في دائرة الخطر للإصابة بتصلب شرايين القلب أيضا، فعلى سبيل المثال، المريض المصاب بتصلب شرايين القدمين والذي يؤدي الى عدم تدفق الدم بشكل كاف وبالذات أثناء بذل جهد جسماني والشعور بالوجع يبدأ بالعرج بعد قطع مسافة معينه، هؤلاء معرضون أيضا لانسداد شرايين أخرى وبالتالي احتمالات عالية نسبيا للجلطة القلبية أو الدماغية “.
وفي معرض سؤال عن الفحوصات التي تتعلق بالكوليسترول وتصلب الشريين، وان كان فحص الدم كافيا، رد د. رياض محاميد بالقول: “بالنسبة لتشخيص تصلب الشرايين فان فحص الدم غير كافٍ، لكن يجب ان ندرك ما هي اسباب تصلب الشرايين، واسباب تصلب الشرايين بشكل رئيسي هي الكوليسترول، السكر، التدخين، السمنة، ضغط الدم وعدم مزاولة الرياضة والحركة الدائمة. فان صب الانسان جل اهتمامه على هذه الأمور وهي بسيطرته وان كان حريصا على التوازن من جميع هذه النواحي، يكون تقريبا محصنا من تصلب الشرايين، اما للكشف عن تصلب الشرايين فلا يتم اجراء فحص ذلك بشكل روتيني. عند ظهور اعراض تثير الشك ان لدى المريض حالة تصلب شرايين فيتم اجراء فحص بناء على هذه الأعراض، مثلا لدى ظهور أعراض تثير الشك بانسداد الشرايين التاجية في القلب مثل أوجاع الصدر وضيق النفس أثناء الجهد فيتم اجراء امتحان جهد له مع أو بدون مسح عضلي او “قسطرة افتراضية” (صورة طبقية CT للشرايين التاجية) ليظهر ان كان هناك انسداد في الشرايين التاجية، وان كان شك بحدوث انسداد في شرايين الرقبة او القدمين فنقوم باجراء فحص اولترا ساوند دوبلير الذي يظهر مدى تدفق الدم في هذه الشرايين، وهذه الفحوصات تجرى ان ظهرت اعراض تشير الى وجود تصلب شرايين لدى المريض. الرسالة الى المجتمع ان نستبق الأحداث فدرهم وقاية خير من قنطار علاج وحري بنا أن نبذل قصارى جهدنا في التعامل بحكمة مع مسببات المرض لمنعه وذلك من خلال الحمية الغذائية وممارسة الرياضة والاقلاع عن التدخين والمتابعة الدائمة لمستوى السكر والكولسترول وضغط الدم”.
اما بالنسبة للأغذية فقال: “يركز معظم المواطنين على الأغذية الخالية من الدهن، وبالذات الدهن المشبع، هذا جيد لكن بالإضافة الى ذلك، يجب الابتعاد ايضا عن الأغذية الغنية بالنشويات فهي مصدر رئيسي لارتفاع السكر وتساهم ايضا في انخفاض الكولسترول الجيد HDL وصنع الكوليسترول السيئ LDL الذي يتميز بقدرة أكبر للتسبب في تصلب الشرايين، وهنا يجب ان نذكر ان احتمال حدوث تصلب الشرايين لدى مريض السكري يكون أعلى مقارنة بشخص لا يعاني من السكري وعلما ان لكليهما نفس مستوى الكوليسترول الضار”.
اما بالنسبة لعلاج الكوليسترول، فقال د. رياض محاميد: ” بالنسبة للعلاج الفعال لرفع الـ HDL فهو انقاص الوزن، المشي والرياضة وترك الدخان اذ أن الأدوية غير ناجعة في تحسين مستواها بشكل كاف أما الأدوية التي تخفض من مستوى ال LDL فتوجد اليوم بحمد الله العديد من العلاجات الفعالة. قبل إعطاء العلاج نحدد لكل انسان مستوى ال LDL الذي نريد الوصول اليه والذي يختلف من شخص الى آخر، فمثلا لدى الشخص المريض بالسكري فيجب ان يكون مستوى الكوليسترول السيء – LDL أقل من 100، مريض سكري مع مشاكل ومضاعفات بسبب السكري او مريض سكري مدخن فيجب ان يكون الـ LDL أقل من 70، اما الانسان الذي لديه مشاكل وانسداد في الشرايين كشرايين القلب، الدماغ، القدمين او الرقبة، فبحاجة الى LDL اقل من 70 وفي بعض الحالات اقل من 55. توجد اليوم ادوية “ستاتين” – statins تؤخذ يوميا وبعضها تخفض الكوليسترول بنسبة %60، وهي تعمل على منع انتاج الكوليسترول عن طريق الكبد، وان لم يحصل المريض على النتيجة المناسبة فنعطيه العلاج وندمجه مع دواء ايزيترول وهو يمنع امتصاص الكوليسترول من الأمعاء ويساهم العلاجان في خفض نسبة الكوليسترول، لكن مع هذه العلاجات الفعالة قسم كبير من الأشخاص لا يكون الهبوط لديهم الى المستوى المطلوب ونسبة معينة اخرى لا تتحمل العلاج بسبب اوجاع في العضلات التي تحدث بسبب علاج الستاتين ، هذه النسبة ليست كبيرة لكنها موجودة (تتراوح بين 6-15%) وتوجد إحصائية تبين أن 38.8% من الاشخاص في البلاد الذين اجروا قسطرة مع فتح الشرايين التاجية او اجروا عملية فتح مجرى جانبي في القلب تكون لديهم نسبة LDL عالية مع العلم أنهم اكثر الاشخاص المعرضين لخطر انسداد آخر في الشرايين وبحاجة الى حل إضافي فاليوم بحمد الله يوجد علاجان جديدان وفعالان – وهما معيقا PCSK9 Iinhebitor الأول هو ريباتا والثاني برالوينت. والأبحاث أثبتت أن الأخير يخفض مستوي الكوليستيرول LDL بشكل ناجع، وذلك يمنع المشاكل القلبية. يعطى العلاج من خلال الحقن مرة كل اسبوعين بشكل عام ويخفض الكوليسترول بنسبة %60 علاوة على الانخفاض الحاصل من الستاتين والازترول، وبالنسبة للبرالوينت فيمكن اعطاؤه بجرعتين مختلفين وهذا يمكن التحكم للوصول الى المدى المطلوب من نسبة ال LDL في الدم. متوفر للمتعالجين الذين لديهم تأمين صحي مكمل، وقائم في التأمين الخاص، كما أن هذه المجموعة من الأدوية تم شملها هذا العام في سلة الادوية للأشخاص الذين يعانون من مشاكل قلبية والـ LDL لديهم عالٍ ، وكل انسان يعاني من مشكلة LDL عليه استشارة طبيبه ليفحص ان كان فعلا مرشحاً لتلقي هذا العلاج. يعتبر كثيرون بشكل عام العلاج من خلال الحقن منفراً، لكن هنا يدور الحديث عن حقنة مرة كل اسبوعين وهذا امر يتحمله المرضى خاصة في ظل الفائدة الكبيرة جدا المرجوة منه. ويجب التنويه في هذا السياق الى أن هذه الأدوية آمنة من حيث الأعراض الجانبية الضئيلة جدا ولا تؤدي الى أوجاع العضلات كما يحدث في بعض الحالات عند إعطاء الستاتين”.
وأَضاف د. رياض محاميد: “توجد شريحة من الأشخاص وبسبب مشكلة في الجينات يكون مستوى الكوليسترول مرتفعا جدا وهم عرضة لجلطات قلبية في جيل مبكر حتى في جيل الطفولة، وهذه الحالات نادرة ولكنها موجودة لدى بعض العائلات في مجتمعنا العربي، وهذه الادوية ووفق الابحاث كان لها نجاح عالٍ جدا لدى هذه الشريحة في خفض الكوليسترول والتقليل من احتمالات تصلب الشرايين وانسداد الشرايين التاجية والدماغية”.

ومن هنا أتوجه الى كل فرد وفرد، لا سيما الأشخاص المعرضين لتصلب الشرايين وعواقبه كالجلطة القلبية والدماغية، وهذا يشمل كل من لديه سكري أو حالة ارتفاع في ضغط الدم أو المدخن أو من عانى قريب له بجيل مبكر من جلطة قلبية، وكذلك أتوجه الى كل الذين سبق لهم أن أصيبوا بالجلطة الدماغية أو القلبية فهم عرضة الى تكرار ذلك، أتوجه الى كل هؤلاء ليقوموا سريعا بإجراء الفحوصات اللازمة وتلقي العلاج الناجع والفعال في ظل وجود إمكانيات علاجية ناجحة جدا وجدير بنا أن نستعين بها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *