احترموا مهنة الصحافة وحريتها “واللّي مش قدّها يبعد عنها”

مراسل حيفا نت | 03/09/2017

احترموا مهنة الصحافة وحريتها “واللّي مش قدّها يبعد عنها”
الإعلامي أحمد حازم

في المجتمعات الحضارية أي تلك التي تحترم نفسها، يطلقون على الصحافة لقب “السلطة الرابعة” انطلاقاً من مبدأ احترام هذه المهنة التي يصفونها في العالم العربي بـ “مهنة المتاعب”. وبالرغم من وجود خلاف تاريخي حول أول من أطلق لقب “السلطة الرابعة” على الصحافة، لكن مصادر تاريخية تؤكد أن المؤرخ الاسكتلندي توماس كارليل هو صاحب هذا المصطلح، الذي استخدمه في كتابه “الأبطال وعبادة البطل” (1841)، حين اقتبس عبارات للمفكر الإيرلندي إدموند بيرك، أشار فيها الأخير إلى الطبقات الثلاثة التي كانت تحكم البلاد ذلك الوقت، وهي أحزاب (رجال الدين والنبلاء والعوام)، قائلاً إن الصحافة هي الحزب
وكان الإنجليزي أدموند بييرك المتوفى عام 1797 قد قال فى مناقشات لمجلس العموم البريطاني (البرلمان): ”عندما ينظر الإنسان إلى مقاعد الصحفيين، يجد السلطة الرابعة”. والمقصود بالسلطة الرابعة أن سلطة الصحافة تأتي بعد السلطات الثلاث المعروفة في كل دولة وهى التنفيذية والتشريعية والقضائية.
الصحافة الملتزمة التي تحترم نفسها لها أدوار مهمة في حياة الفرد والمجتمع، لأتها تحمل هموم المواطن إلى المسؤولين، وقد يكون للصحافة دور مهم في تغيير بعض الأنظمة والقوانين، وتحتاج إلى تغيير أو إعادة النظر فيها، لما فيها من إجحاف وظلم بحق المواطن.
الصحافة في المجتمعات الحرة تفضح فساد الحكومات والسلوك غير الأخلاقي للمسؤولين سياسياً ومالياً واجتماعياً. وهذا النوع من الصحافة غير موجود في المجتمعات العربية بما فيها مجتمعنا العربي في الداخل الفلسطيني وأيضا في السلطة الفلسطينية. وأذكر أن الصديق الراحل محمد عودة (أبو داوود) أحد قادة حركة فتح وأحد مؤسسي الحركة، قال لي ذات يوم في جلسة جمعتنا في الجزائر: “كلما كان المسؤول فاسداً أخلاقياً وسياسياً ومالياً في السلطة الفلسطينية، كلما كانت مكانته قوية عند الرئيس” والأمثلة كثيرة على ذلك.
ولو يتم تطبيق قانون “من أين لك هذا” على القادة والمسؤولين العرب لوقف معظم هؤلاء في المحاكم، وكان مصيرهم السجن في حال كان القضاء نزيها، ولا يمكن لقضاء في دولة عربية أن يكون نزيها إذا كان النظام من أساسه فاسداً. وهنا يبرز دور الصحافة الحرة.
ولا بد لي من قول كلمة حق، وهي وجود صحف ومواقع ملتزمة بأخلاقيات المهنة، من كافة جوانبها في مجتمعنا العربي في الداخل الفلسطيني، ولا يتجاوز عددها عدد أصابع اليد. لكن في السنوات الأخيرة انتشرت في الوسط العربي ظاهرة انتشار المواقع الالكترونية، التي تسمي نفسها مواقع صحفية إخبارية، وانتشارها دون حسيب أو رقيب، أصبح لكثرته مثل انتشار “الفقع” في الشتاء، والفارق بين الاثنين، أن “الفقع” له فوائد كثيرة، لكن غالبية المواقع (متل قلتها) لا فائدة منها.
تصفحت غالبية المواقع الالكترونية في البلاد، واخترت نماذج معينة من كل المناطق، ويا لهول ما رأيت وما قرأت: صياغة (بتخزي) أخطاء قواعدية ولغوية، حتى أن قواعد استخدام (كان وأخواتها) لم يمر على بعض المشرفين على المواقع أثناء دراستهم في المرحلة الابتدائية، أو أنهم لم يتمكنوا من إنهاء هذه المرحلة.
في الدول العربية، التي غالبا ما يسخر بعض مواطنينا منها، ترفض المؤسسات الإعلامية فيها توظيف أي شخص لممارسة مهنة الصحافة، إذا لم يكن على علاقة بهذه المهنة من خلال دراسة مباشرة، أو دراسة موضوع قريب منها، وذلك احتراما للمهنة. وما يحدث عندنا في الوسط العربي هو العكس تماما. وأذكر أن موقعاً يعتبره الناس رائداً، وصلت الوقاحة بصاحبه إلى إهانة مهنة الصحافة بشكل لا مثيل له، إذ نشر إعلاناً عن حاجته إلى مراسل، ووضع شرطاً أساسياً وهو: أن يكون عند المتقدم سيارة، بدلاً من أن يكون الشرط خبرة في الصحافة. تماما مثل مؤسسة طبية، تعلن عن حاجتها لطبيب شرط أن يكون لديه “مريول أبيض”. أليس هذا إهانة للصحافة؟
ظاهرة أخرى خطيرة لمستها في مجتمعنا العربي، وهي ظاهرة حملة لقب ” دكتور” في الإعلام بمعنى أن الإمكانية متوفرة لحمل لقب “دكتور” في الإعلام خلال وقت قصير مقابل صفقة معينة، وأن الدكتور “الطازة” بإمكانه أن ” يُبروِز” شهادة الدكتوراه ويعلّقها على أحد جدران صالون بيته، ثم “يطبع” بطاقات تحمل اسمه على أنه.. دكتور، وكل شيء يتم “على عينك يا تاجر”. والأنكى من ذلك أن هؤلاء “الدكاترة؟!” المزورين لا يستحون ولا يخجلون من عرض أنفسهم كخبراء إعلام. والمفروض تحذير المجتمع منهم، والدفاع عن شرف مهنة الصحافة، وليس اغتصابها من الدخلاء عليها، مع احترامي لكل دكتور حقيقي في الإعلام. والمطلوب احترام مهنة الصحافة وحريتها “واللّي مش قدّها يبعد عنها”.
أضحى مبارك وكل عام وشعبنا الفلسطيني بخير.
ah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *