الفنان القدير، وضابط الإيقاع صالح هيبي في حديث صريح مع “حيفا”

مراسل حيفا نت | 10/08/2017

الفنان القدير، وضابط الإيقاع صالح هيبي في حديث صريح مع “حيفا”:
* رابطة الفنانين موجودة ولكنها غير فعالة للأسف الشديد
* لا يمكن أن أقول أنا أستحق أن اكون رئيس الرابطة
* ليس شرطاً أن يكون رئيس الرابطة فناناً
* المنتج علي عباسي من أهم المنتجين محليا
* برنامج عرفزيون قدوة للفن المحلي والأغنية المحلية
* كان الشرف أن ارفق العملاق وديع الصافي مع الفرقة الموسيقية
لقاء تعانقت في سمائه روعة الإيقاع، وروعة الكلام، لقاء مع فنان لا أبالغ إذا قلت إنه يصنف مع كبار الفنانين محلياً وعربياً، صحيفة حيفا تلتقي مع الفنان المخضرم صالح هيبي (أبو إبراهيم) في الحوار التالي:
صالح4
– ﻣﺎ ﺑﻴﻦ بدﺍﻳﺎﺕ العزف على الطبلة ﻭبدﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻨضج ﻭبدﺍﻳﺔ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ، العازف ﻭظهوره! حدّﺛﻨﺎ ﻋﻦ ﺍﻟبدﺍﻳﺎﺕ! وكيف بدأ عشقك للموسيقى؟
– كانت بدايتي في المدرسة حيث شجعني مدّرس الموسيقى الأستاذ يوسف نقولا في الحس الإيقاعي، حتى أصبحت أرافقه كعازف الطبلة للجوقة المدرسية. وقد أدى ذلك إلى نتائج إيجابية من حيث السمع وتميّز الأصوات والإيقاعات، وتعرّفت على عازف الإيقاع المرحوم زياد بشارة أثناء تعلمنا سوية في مدرسة “تيراسنطة ” في عكا، وقد اكتسبت منه كثيراً من حيث التكنيك والمهارات والإيقاعات، ولا سيما أنه عازف الإيقاع في فرقه “ليال السهر” بقيادة علي موسى وطه ياسين. وكنت أرافقه في معظم حفلاته، وأتعلم منه ومن الفرقة والمطربين. وهكذا بدأت بالظهور على المسارح مع العديد من المطربين في ذلك الوقت، منهم: خميس فودي وفؤاد المصري (عكا) عطاالله شوفاني (عيلبون) علي موسى (دير الأسد) طه ياسين (كفر مندا) وليد عابد (البعنة).
– أﻭﻝ أغنية عزفت إيقاعها من كان المغني؟ ومن الذين عزفت لهم؟
– أول أغنية كان مطلعها “طابت الليالي شعشع يا قمر، عاكروم الدوالي وشوشها الخبر”، أما على مسارح الأفراح فقد بدأت بمعزوفة “هوانم” لأن نظام العمل والعزف كان يفتتح في ذلك الوقت بمقطوعة موسيقية وليس بأغنية، كما هو حال اليوم، وكثيرا ما كنت أنفرد في العزف. لقد كنت أنتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر لكي أظهر كل ما عندي من فن وقدرات في العزف، فأنال إعجاب الحضور والموسيقيين والمطربين الذين أعمل معهم.
– ما الشيء الذى تحتفظ به ذاكرتك عن أول حفل قدمته في حياتك الفنية؟
– إنها حادثة طريفة أحتفظ بها منذ أول ما قدمته، أذكر أنني نمت على حافة الطريق، في مدخل قريتي شعب حتى ساعات الصباح. وكان هذا في منتصف السبعينات، وأنا لا أملك سيارة، إذ عزفت في أحد الأفراح في مدينة سخنين، وانتظرت ابن حلال في منتصف الليل يشفق عليّ ويأخذني معه، وبعد جهد وصلت إلى مفرق البلد، وهناك دبّ النعاس بي بعد منتصف الليل، ولا أحد يدخل ولا يخرج من البلد حتى بزغ الفجر، وبدأ العمال يخرجون من البلد إلى أعمالهم، وبالصدفة دخلت إحدى المركبات إلى القرية، وقفت لي ووصلت إلى البيت.
صالح 2
– كيف يمكن التأثير على تغيير سلوك الفرد بالموسيقى؟
– للموسيقى أثر كبير في تنمية الأخلاق، وهي غذاء للروح، ولغة النفوس وتهذيبها، ولغة العواطف عند الإنسان، ويرقى برقيها. الموسيقى تساعد الفرد على تغير من حال إلى حال، وتحرير نفسه من جسده فهي لغة الشعور والوجدان. إن للموسيقى تأثيرا مباشرا على سلوك الفرد، فإذا كنت تشعر بالغضب فمن شأن الموسيقى تهدئة الأعصاب، وهي نشاط ترفيهي كلنا بحاجة إليه، لنعبر من خلالها عن عواطفنا وأحاسيسنا ومشاعرنا الداخلية، وهي تشجّع على الثقة وتساعد الناس في سلوكهم.
صالح 3
– ماذا عن الأغاني المنتشرة حاليا والتي تظهر في المهرجانات؟
– كل يوم تهب علينا الأغاني الشعبية المنتشرة في العالم العربي ولا تجد منا سوى الامتعاض. لكننا لا بد لنا من الاعتراف، بأن هذه الأغاني واقع وحالة خاصة، وتتمتع بصفة التلاقح والتشابه اللحني والتكرار، من دون إبداع أو تغيير على الساحة الفنية المزدحمة بالمطربين والمطربات في كل يوم. كان الفن الراقي وأيام الزمن الجميل، أيام الموشحات، وكان أداؤها يقتصر على نجوم الغناء، أما اليوم فكلهم نجوم من غير موشحات، واختلفت معايير الأغنية لحناً وأداءً.
– ماذا عن نقابة الفنانين الموسيقيين عندنا برئاسة الفنان سمير أبو فارس، هل تستمر بدعمها للفنان المحلي! أم سوف نرى وجوها جديدة لدعم الفن؟
– لا شك أن وجود نقابة للفنانين أمر في غاية الأهمية، لنشر رسالة الفن المحلي، والعمل على تنمية وتنشيط الحركة الفنية، والحفاظ على حقوق الفنانين. النقابة التي تأسست قبل عدة سنوات من قبل أساتذة ومطربين وملحنين كبار منهم: الأستاذ تيسير إلياس والفنان المخضرم خليل أبو نقولا والملحن طه ياسين والمطرب سمير أبو فارس وغيرهم، وقد أنشأت الرابطة وتم انتخاب الفنان تيسير إلياس رئيساً لها، وفيما بعد تنحّى الأستاذ تيسير ليتم تعيين سمير أبو فارس رئيسا للرابطة. وهكذا استمر الوضع دون تفعيل هذه الرابطة، فهي موجودة ومصادق عليها، لكنها غير فعّالة للأسف الشديد.
صالح 5

صالح 1
– ظهرت في الفترة الأخيرة انتقادات من بعض الفنانين المعروفين عن رابطة الفنانين الموسيقيين العرب، وبنظرهم هذه النقابة لا تمثلهم! هل هذه النقابة تمثل الفنان صالح هيبي؟
– الانتقاد أمر إيجابي لمن يتقبله ويعمل به لتصليح أخطائه، ولقد أعطيت الفرصة للرابطة السابقة، فظهرت أصوات جديدة تنادي بحلّ الرابطة أو تفعيلها، أو إقامة رابطة أخرى، وهذا حق لكل فنان. لكن يتوجب العمل بطريقة دقيقة واختيار لجنة مهنية لمواكبة العمل على تغيير أو تصليح، أو الاستمرارية لفترة محددة، ويتم بعدها التصويت والانتخاب الديموقراطي، وتصفية القلوب والنوايا والأجواء، ونبذ الحقد والكراهية وغرس قيم المحبة والمودة فيما بين الجميع، لكي يستطيع المركب أن يسير قدماً إلى برّ الأمان فستجدني أول الركاب.
– هل يستحق الفنان صالح هيبي أن يكون رئيس رابطة الفنانين؟
– لا يمكن أن أقول ذلك، ربما هذا رأيك، وقد توافقك آراء أخرى وقد تعارضك، لكني أومن بالديموقراطية وبالانتخاب، وليس شرطاً أن يكون رئيس الرابطة فنانا.
– برنامج عرفزيون من أهم السبل لدعم الفن المحلي، لأنه يعطي المسرح للفنانين ويحقق أحلامهم! الفنان صالح هيبي يرافق على مدار سنوات المنتج الكبير علي عباسي بدعم الفن المحلي عن طريق برنامج عرفزيون! ماذا أعطى هذا البرنامج بنظرك؟ وما رايك بالعمل مع الأستاذ علي عباسي؟
– يعتبر علي عباسي أهم منتج فني محلي، وقد أنتج العديد من البرامج التلفزيونية، من نجوم الغد في التسعينات حتى العرفزيون. وهذه الفكرة سبقت جميع المهرجانات الكبرى في العالم العربي. إضافة إلى المسرحيات وإلى مشاركتي معه في مهرجانات عربية في دار الأوبرا في القاهرة، ومهرجان المدينة في تونس، وموازين في المغرب وغيرها، فقد كان وما زال التعاون مثمرا وفعالا وناجحاً، متمنياً الاستمرارية. وقد أثمر العرفزيون عن ولادة العشرات من الأغاني المحلية، ودعم الشعراء والكتّاب والملحنين والموزّعين وأصحاب الاستوديوهات. كما أعطى منصة ومسرحاً محترماً ومشرّفاً لكل فنان بالوقوف والظهور عليه. وأنا أشعر مثلما يشعر الجمهور بنقصه وبالفراغ الذي تركه على الساحة الفنية، من حيث الإبداع المحلي، وخاصة الأغنية التي من شأنها أن تكون هوية كل فنان في هذه البلاد.
– الفنان القدير والمحترف صالح هيبي محليا وعربياً، نرى غضبا في قلبك عن وضع الفن المحلي بشكل عام! ما هو سر الغضب؟
– أنا لا أغضب على الفن، لكن لي مآخذ على الفنانين. هذا نابع في ظل غياب النقابات والمؤسسات الفنية، ولا رقيب على هذه المهنة حيث الفرصة متاحة أمام كل من يعزف أو يغني ليصبح فنانا أو مطربا، محاولا التسلق على سلم الشهرة بسرعة فائقة، وغرور طائش. ويبدو أن النجاح يقاس بالمال وليس بالقيم الإنسانية والأخلاقية، والتي هي أساس وعماد الفن، هذا هو الاختلاف. وللأسف الشديد قد تفشت الغيرة والحسد بدل المحبة، والمزاحمة الشديدة في هذا الكار بدل التعاون المشترك. وأصبحت المعاير لتقييم الفنان بعدد حفلاته وبدلاته وسيارته وأسعاره وسفرياته، وهذا مرض لا علاج له. وأصبحنا نجد وجوها وأسماء عديدة تهيمن على الساحة الفنية، لكنها لا تستطيع أن تطفئ نجومية سائر الفنانين الذين لهم بصمتهم، ولمعوا في الوسط الفني بأصواتهم وأغانيهم الرائعة محلياً ودولياً .
– هل تتذكر موقفاً مميزا خلال رحلتك الفنية؟
– نعم وكان ذلك في طابا قبل حوالي 8 سنوات، حيث رافقت المطرب ماهر حلبي في حفل أقيم في أحد الفنادق، وكان الشرف لنا أن الفرقة تفتتح حفل المطرب الكبير وديع الصافي. ووجدت أثناء المراجعة على المسرح دخول ابن الفنان وديع الصافي “أنطون” الذي جلس واستمع إلينا. ومع انتهاء المراجعة تقدّم نحوي وأثنى عليّ بكلماته التي لا أنساها، وطلب مني مرافقة الفنان وديع الصافي مع الفرقة الموسيقية في نفس الحفل، لقد تأثرت كثيراً.
– ما أبرز الصعوبات التي تواجه ضابط الإيقاع على وجه الخصوص؟
– من بين الصعوبات التي تواجه عازف الإيقاع هي أداء الإيقاع، وضبط النغمات في القطع الموسيقية والأوزان الإيقاعية، وهذا يعطي الموسيقى معنى خاصا بتكوينها وحيويتها.
– هل يمكن أن تقدم كلمة أخيرة لقراء صحيفة حيفا؟
– استمروا بقراءة الصحيفة والتقرب منها، ولقاءات مباشرة والاتصال بها، لنرفع سوياً مستوانا العلمي، الثقافي، الفني، والرياضي وغيرها من المواضيع. وأشكرك على هذا اللقاء.
– عفوا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *