كفى تصغيرًا واستهانةً بالعقل العربيّ الأميّة مشكلة الغرب

مراسل حيفا نت | 24/03/2017

كفى تصغيرًا واستهانةً بالعقل العربيّ
الأميّة مشكلة الغرب
الإعلامي أحمد حازم

كنت ولا أزال أهتمّ بالدّراسات والإحصائيّات المتعلّقة بالعرب بشكل عام، وأهتمّ أيضًا بالدّراسات عن المجتمعات الغربيّة. فمن الإحصائيّات عن العرب ما هو محض تضليل، مثل الإحصائيّات عن القراءة، والتي تستهدف النيل من العرب ووصفهم بالجهلة.
“اِقرأ”.. هي أوّل كلمة نزلت من السّماء على النبي محمّد (صلّى الله عليه وسلّم)، وأمّة (اِقرأ) حملت نور الهداية إلى مشارق الأرض ومغاربها، وانتشر رسل هذه الأمّة ومعهم رسائل العلم ونور الحق في مختلف بقاع الأرض.
في العصر العبّاسي أمر المأمون بترجمة كتب اليونان، فكانت الخلافة الإسلاميّة في بغداد صرحًا علميًّا لا مثيل له في تاريخ الإنسانيّة، حيث بلغ عدد دور النّشر والطّباعة في أحد شوارع بغداد أكثر من مِائتي دار، وتأسّست دار الحكمة التى ضمّت الكثير من الكتب المترجمة في الهندسة والطّب والآداب.
نهضة الغرب ـــــ وكما هو معروف ـــــ قامت على علوم ومعارف المسلمين وإنجازاتهم العلميّة في العهد الأندلسي. فقد كتبوا في الفلسفة والرّياضيّات والكيمياء والطّب والهندسة، ومن أشهرهم ابن سينا، ابن رشد، الفارابي، وابن خلدون والخوارزمي، وغيرهم.
هناك إحصائيّات مُجحفة بحقّ العرب فيما يتعلّق بالقراءة، ولا سيما الكتب تقول: “إنّ متوسّط القراءة عربيًّا ربع صفحة للفرد سنويًّا بينما تصل معدّلات القراءة في أمريكا إلى 11 كتابًا للفرد سنويًّا، وفي بريطانيا إلى سبعة كتب، ما يظهر مدى التدنّي الذي وصلت له معدّلات القراءة في الوطن العربي”. وهناك إحصائيّات أخرى تقول: “إنّ معدّل القراءة في العالم العربي يبلغ ستّ دقائق في السّنة بينما يقرأ الأوروبّي بمعدّل 200 ساعة سنويًّا”. وينشر في البلدان العربية سنويًّا ـــ حسب الإحصائيّات ـــ كتاب واحد لكلّ ربع مليون شخص، كما أنّ منظّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلوم والثّقافة (يونسكو) ذكرت في دراسة لها أنّ نصيب كلّ مليون عربي لا يتجاوز ثلاثين كتابًا، مقابل 854 كتابًا لكلّ مليون أوروبّيّ.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار دراسات غربيّة أخرى عن قراءة الكتب عند العرب وعن الأميّة في الغرب ولا سيّما الولايات المتّحدة الأمريكيّة، نستنتج مدى الافتراءات ضدّ العرب فيما يتعلّق بالقراءة وحتّى أوجه الشّبه مع الغرب ومدى تناقض المعلومات المنشورة.
حسب إحصائيّات متخصّصة صادرة عن مواقع إلكترونيّة عالميّة في القراءة على “الإنترنت”، فإنّ 23 بالمِائة من مستخدمي “الإنترنت” العرب يهتمّون بالإصدارات والكتب الإلكترونيّة، وإنّ حوالي نصف مليون صفحة كتاب يتمّ قراءتها كلّ شهر. وتفيد إحصائيّة دار الكتب والوثائق القوميّة في مصر أنّها أصدرت وحدها في السّنوات الماضية مليوني كتاب، كما أنّ معلومات شبكة “غوغل” تقول إنّ خمسة ملايين عربي يهتمّون بقراءة المؤلّفات على شبكة “غوغل”، في حين قدّر “فيسبوك” عدد مستخدميه الذين يهتمّون بقراءة الكتب من العرب بنحو 22 مليون مستخدم.
وفي المشروع الإقليمي الأكبر للتّشجيع على القراءة والذي أطلقته دبي، بهدف قراءة خمسين مليون كتاب، فقد تضاعف هذا الرّقم منذ انطلاق المشروع حيث تمّ حتّى شهر آذار الماضي قراءة أكثر من مئة مليون كتاب.
إحصاءات “الرابطة الوطنية للتّعليم” – National Education Association تقول إنّ نسبة الأميّة في الولايات المتّحدة تبلغ 40 مليون أمريكيّ لا يعرفون القراءة والكتابة. وتشير الدّراسات إلى أنّ واحدًا فقط من كلّ عشرة أمريكيّين يستطيع بسهولة تحديد موقع الولايات المتّحدة على خريطة العالم. كما أنّ معلومات معظم الأمريكيّين عن ثقافات وشعوب العالم محدودة للغاية، وأنّ ملايين الأمريكيّين لا يستطيعون بمفردهم ملء استمارة التحاق بوظيفة أو كتابة شيك مصرفيّ أو قراءة جريدة.
يقول الكاتب باول ريفز محاضر الدّراسات الحضريّة في جامعة “وسكونسن”، إنّ نسبة الأميّة في المدن الأمريكيّة الكبرى تبلغ 41 بالمِائة وتقترب من النّسبة في القرى والبلدات الصّغيرة والتي تبلغ 51 بالمِائة، كما أنّ أربعين بالمِائة من الأميّين في أمريكا هم من الشّباب الّذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و39 عامًا.
أمّا في بريطانيا فقد أشارت دراسة أشرفت عليها جامعة “أولستر” إلى أنّ 15 بالمِائة من الشّباب الّذين تتراوح أعمارهم بين 15 و21 سنة هم في حكم الأميّين. وقالت المؤسّسة العالمية لمحو الأميّة إنّ 20 بالمِائة من البريطانيّين أميّون من النّاحية العمليّة، وهي نسبة أعلى بمرّتين من نسبة الأميّة في ألمانيا وثلاث مرّات ممّا هي في فرنسا. وبعد كلّ ما تقدّم نستطيع القول إنّ القراءة عند العرب بخير، وإنّ الأميّة هي مشكلة عند الغرب بشكل عام والولايات المتّحدة بشكل خاص.
ah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *