عمري مع الفن.. ..وتتراقص الأنغام على أوتار عوده * إلياس جمّال فنّان مميّز وشامل *

مراسل حيفا نت | 16/02/2017

نسائم الزّمن الجميل تحيط بك في حضرته، تشعر بالعزّة والعراقة في مجلسه، يجمع في عزفه ما بين الأصالة والحداثة في آن واحد، تتراقص الأنغام على أوتار عوده، مبدع في زمن قلّ فيه الإبداع، مثقّف في زمن غاب فيه قرّاء الكتب.. قائد وأب وصديق، يحبّ الموسيقى كثيرًا ويعشقها، والدّليل على هذا نجاحه وإبداعه وتألّقه، ومَن يعرفه عن قرب يرى به إنسانًا يهتمّ بأدقّ تفاصيله.. أنيق، طيّب القلب، حنون، ويحبّ أهله وأصدقاءه.
حقّق الكثير في مسيرته الفنيّة، وما زال يشقّ طريقه في مجال الأغنية وتقديم الجديد من الألحان والكلمات، ويبقى اللّحن النقيّ الصّافي النّابع من الموهبة والخبرة وروح الانتماء لدى موسيقى الرّوح، يغذّيها انتماء يرقى إلى مرتبة القداسة حين يردّد ألحانه أطفال على وقع عشق الوطن.
الموسيقى هي لغة تجوب العالم لتترجم نفسها.. يعدّ من أفضل الملحّنين، وما زال يبدع في مجال التّلحين والغناء وكتابة الأغاني، حياته هي الموسيقى، فحين يعزف على عوده يعيش حلمًا ممزوجًا بآلاف النوتات الموسيقيّة. فنّان بكلّ ما تحمل الكلمة من معانٍ، جمع بين جمال الصّوت وتفرّد الأداء؛ فعندما تستمع إلى أعماله تدرك على الفور أنّ صاحب هذه الأعمال هو عاشق للفنّ، وعندما تقترب منه وتتعامل معه تجد نفسك أمام شخصيّة من أجمل الشخصيّات وأكثرها احترامًا وبساطة.
ومع الفنّان الشّامل صاحب الصّوت المميّز والملحّن والكاتب إلياس جمّال كان لصحيفة “حيفا” هذا الحوار:

– كيف كانت بدايتك الفنيّة؟
أنا من مواليد مدينة سخنين – 1963، كنت مولعًا بالموسيقى منذ الصّغر، وخاصّة بالعمالقة الكبار؛ وهذا ما ورثته عن أبي، حيث كان مولعًا بالموسيقار فريد الأطرش وأسمهان. وفي نهاية الصّف العاشر قمت بشراء عود من أحد أصدقائي ولم تكن هنالك معاهد موسيقيّة ولا معلّمو موسيقى وكان هنالك شحّ في المواصلات، فكنت “أدوزن” العود عند أحد معارف الوالد وأتمرّن لديه لساعات حتّى ترسّخت النغمات في قلبي وعقلي، حيث كنت أعزف أيّ لحن بشكل سماعيّ دون قراءة النّوتة.
في العام 1983 كوّنت فرقة مع أصدقاء لي وأحيينا عشرات الحفلات، وكنت حينها عازف عود فقط. وفي إحدى الحفلات تغيّب المطرب فغنيّت أنا مكانه، فأعجب الحضور وأعضاء الفرقة بصوتي أكثر من إعجابهم بصوت المطرب الأصلي .
في أواخر الثّمانينيّات التحقت بفرقة الموشّحات في كفر ياسيف بقيادة المايسترو عماد دلال، وأحيت الفرقة عشرات الحفلات في كلّ أنحاء البلاد كما شاركت في مهرجان جرش. بعد ذلك التحقت بفرقة الموسيقى العربيّة وغنّيت معها لمدّة سنتين.
في العام 1997 أسّست فرقة “لنا صوت”، ومن خلال الفرقة أقدّم الأغاني الخاصّة من كلماتي وألحاني، إلى جانب أغاني العمالقة. في رصيدي اليوم 28 أغنية من كلماتي وألحاني، وجميعها متواجد في “اليوتيوب”.

– حدّثنا قليلًا عن الأغاني التي كتبتها ولحّنتها ورسخت في أذهان النّاس وحقّقت نجاحًا كبيرًا..
من أحبّ الأغاني على قلبي وقلب الجمهور؛ زفّة فلسطين، أم الدّمعة، في خير بالعالم، انثروني في بلادي وأغنية شو ذكّرك فينا .

– ما هي مقوّمات الكاتب والملحّن النّاجح، حسب رأيك؟
إنّ الكاتب الغنائي يختلف تمامًا عن الكاتب العادي، فعليه مراعاة بعض الأحرف وتجنّب بعض الأحرف مثل “خ” و “ق”، وأن يكتب فكرة جديدة ويبتعد عن الكلام المبتذل وأن يكون على اطّلاع ودراية ويسمع عشرات الأغاني من الزّمن الجميل. إنّ كتابة الأغاني عبارة عن حرفيّة ومهنيّة، ولها أسس ومقوّمات يجب اتّباعها عند الكتابة.
أمّا التلحين فهو الذي يعطي الرّوح للكلمة، وأفضل الألحان التي تعكس الواقع تبرز الحبّ أو الخصام أو الشّوق أو الهم الذي يشعر به المطرب أو الشّاعر، وهذا ليس بالأمر السّهل، وعلى الملحّن مراعاة قدرة وطبقة المطرب الصّوتية والمساحات الصّوتيّة التي يملكها.

– هل للحظّ والصدفة دوران في إبراز موهبتك الموسيقيّة؟
للصّدفة والحظ دوران في حياة كل فنّان؛ فالموهبة وحدها لا تكفي. وعندما تجتمع الموهبة والحظ يأتي النّجاح المؤكّد.

– هل أنت مؤمن بالاختصاصيّين؟ وما الذي تمثّله لك الأغنية؟
نعم.. أنا مؤمن بعمل الاختصاصيّين المهنيّين، فعندما يريد العمل على أغنية منذ البداية، عليه التوجّه إلى كاتب كلمات وملحّن مهنيّين، وإلّا فسيكون العمل سطحيًا ولن يدوم أكثر من شهر.

– ما هي الطقوس التي تتّبعها في عملك الفنّي؟
قبل الكتابة أو التلحين ابدأ بالعزف على العود أوّلًا لمدّة غير محدّدة، والغناء أحيانًا – إمّا لي أو لعمالقة الطّرب – وبعدها أعود لبلورة فكرة الأغنية وأبدأ بكتابة كلّ ما يجول بخاطري من كلمات وجمل.

– ما هي أهم معزوفاتك وأعمالك الفنيّة؟
قمت بتلحين أغنية “لون في لون” للمطربة المصريّة مريم حلمي؛ وأعددت لحن أغنية “أردّنا” – من كلماتي وألحاني؛ كما لحّنت مقدمة برنامج “لمّة عربيّة” الّذي يذاع في راديو تونس للإعلامي المميّز أحمد سمير. إضافةً إلى أنّي كتبت ولحّنت أغنية للبيئة بعنوان “يا أولاد حارتنا” للفنّانة الشّاملة أمل خازن، ولحّنت أيضًا النشيد الكشفي لكشّافة الروم الكاثوليك في سخنين، وكتبت للمايسترو عماد دلال ثلاث أغانٍ: “غريب” و”العشق المستحيل” و”منعمّر عالعالي”، ناهيك عن 28 أغنيّة خاصّة قمت بكتابتها وتلحينها.

– للموسيقى العربيّة صدى في العالم أجمع، أمثال العمالقة: محمّد عبد الوهاب، أم كلثوم، ناظم الغزالي.. لمن كنت تستمع ومَن كان يستهويك ويثير وجدانك؟
استمع عادةً لصباح فخري، وديع الصّافي، أم كلثوم، سيّد مكّاوي، فريد الأطرش وعبد الحليم.

– ما هو الأقرب إلى قلب الفنّان الشّامل إلياس جمّال، الكتابة، التّلحين، العزف أم الغناء؟
أحبّ الغناء وكتابة الأغاني والتّلحين، وجميعها تأتيني بشكل عفويّ عندما أحتضن عودي، وتأتي الواحدة مكمّلة للثانية. أنا أومن أنّا علينا أن نبدع ونخرج من مرحلة التّقليد. لدينا أصوات مميّزة وكلام جيّد ولحن جميل. أحبّ الكتابة بشكل خاص لأنّها تشكّل تحدّيًا للفنّان، فتحويل الكلمة إلى لحن وغناء يستهويني، حيث أحاول كتابة مواضيع لم يتناولها غيري من كتّاب الأغنية. حيث يمكنني الكتابة عن أيّ موضوع يُطلب منّي، ولديّ اليوم مجموعة كبيرة من الأغاني بلهجات مختلفة تنتظر التّلحين والغناء.

– ما هي مشاريعك المستقبليّة، وما الكلمة التي توجّهها إلى الفنّانين الصاعدين؟
قمت، مؤخّرًا، بالتّواصل مع كبار الفنّانين في العالم العربي لعرض أغانٍ كتبتها بكثير من اللّهجات، أمثال: هاني شاكر، ميّادة الحنّاوي وصابر الرّباعي. أنصح كافّة الفنّانين، وخاصّة المبتدئين منهم أن يصقلوا الموهبة بالعلم، وأن لا يتسرّعوا ويستشيروا ذوي الخبرة قبل القيام بأيّ عمل فنّي.
unnamed (7)

unnamed (6)

unnamed (3)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *