شكرًا أبا الهادي..

مراسل حيفا نت | 16/02/2017

شاهين نصّار
يحذّر الخضر في حيفا منذ سنين طويلة من مخاطر خزان الأمونياك في خليج حيفا. وأطلقوا قبل عدة سنوات حملة هادفة إلى إغلاق الخزان كليًّا. أذكر أن الخلاف بين رئيس بلدية حيفا يونا ياهف وعضو البلدية ومديرها العام السابق شلومو غليفهارت تحوّل أكثر من مرّة إلى شجار على مستويات شخصيّة، بسبب الخزان.
ورغم أنّ قرار الحكومة الإسرائيليّة يعود إلى العام 2013 القاضي بإخلاء الخزان، فشلت الحكومة بإصدار مناقصة لاختيار شركة تعمل على نقل الخزان من خليج حيفا إلى منطقة نائية في صحراء النقب بالجنوب، لتبعد هذا الخطر المحدق عن الخليج. وكانت حينها أمرت بإخلائه حتى موعد أقصاه مطلع العام 2017.
صرنا في أواسط شباط / فبراير 2017، والحكومة تواصل المماطلة بتنفيذ قراراتها. لا جديد تحت الشّمس! مؤخّرًا، نشرت الصحافة الإسرائيلية أنه تم تأجيل الموعد إلى مطلع العام 2019.
المعركة بين المصالح البيئيّة والمخاطر الأمنيّة وبين المصلحة التجارية مستمرة مذ ذاك الحين.
ولكن لم تُؤخذ هذه المعركة على محمل الجدّ إلّا بعد التهديدات التي أطلقها العام الماضي أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله وأكد فيها أنه في الحرب المقبلة إن اندلعت سيقوم تنظيمه باستهداف الحاوية ويؤدّي إلى دمار كبير في المدينة، واصفًا الحاوية بأنّها “قنبلتنا الموقوتة”.
وتشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى أنّه في الحرب القادمة، بإمكان حزب الله إطلاق نحو 1500 صاروخ يوميًّا، مقابل 200 صاروخ في حرب لبنان الثانية – عام 2006.
قرار القاضية تمار شارون نتانئيل بتعليق أمر إخلاء الحاوية بتعليق أمر إغلاق الخزان، الأربعاء، وتعليقها تنفيذ أمر قاضية محكمة الصلح في حيفا غادة بصول بإخلاء الحاوية في غضون عشرة أيام والصادر الأحد، لم ينبع من فراغ.
في العام 2011 صدر تقريرًا من قبل الائتلاف لأجل صحة الجمهور، وضع الأمور في نصابها الصحيح. ذاك التقرير الذي ألفه د. فيرد بن شلومو وبروفيسور نير بيكر، حذّر من كارثة جماعية في حال ضرب زلزال المنطقة أو حادث تسرب ما أو عملية تخريبية أو حتى سقوط صواريخ في حرم حاوية الأمونياك؛ منوّهًا إلى المخاطر الكامنة في موقع الحاوية الاستراتيجي في خليج حيفا.
بالإمكان فهم العامل المادي الذي يدافع عنه محامو مجموعة “حيفا كيميكاليم” المشغّلة للحاوية، بقولهم إنّ قرار محكمة الصلح يعتمد على تقرير كانت قد أوصت عليه بلدية حيفا، والتي قدمت التقرير لتبرير إغلاق الخزان، معتبرة أن التقرير “مبالغ فيه”. لكنهم ينسون حقيقة أنّ التقرير ذاته كانت بلدية حيفا قد عارضته مطوّلًا، بل وحاربته، في محاولتها للدفاع عن مصالح الشركة التي تشغل آلاف العمال في حيفا.
وتدعي الشركة الحيفاوية للكيماويات إلى أنّ وقف عمل الخزان سيؤدّي إلى شل “نشاط منشآت أمنية حساسة مثل مفاعل ديمونا النووي” وشركات أمنية أخرى تعمل في خليج حيفا، إضافة إلى مجموعة من المستشفيات ومفاعل تبريد وأنظمة تطهير المياه في المنطقة، وبالتالي بحسب المجموعة سيؤدي ذلك إلى شل قطاعات كاملة في الاقتصاد الإسرائيلي، وقد يؤدّي إلى تسريح وإقالة العديد من العمال.
لم يمرّ شهر على تهديد حزب الله، حتى نشرت صحيفة “هآرتس” تقريرًا وصف الحاوية في خليج حيفا بأنّها قنبلة موقوتة تنتظر الانفجار، وراح حد الحديث عن أن “أي استهداف لسفينة تحمل مادة الأمونياك قرب شواطئ إسرائيل، قد يؤدّي إلى مقتل عشرات آلاف المواطنين الإسرائيليين نتيجة تفاعل الأمونياك السّائل”؛ في إشارة إلى وصول سفينة محمّلة بالأمونياك إلى ميناء حيفا بشكل شهري.
تغيّر موقف بلدية حيفا التي دافعت عن مصالح الشركة، ومصالح العمال، قبل أشهر قليلة، وزادت تحركاتها باتجاه نقل الخزان إلى الجنوب، بعد تهديد حزب الله. مشيرةً إلى أنّه قبل سنين قليلة أضرب عمال شركة حيفا كيميكاليم طوال أشهر ولم ينهار الاقتصاد الإسرائيلي جراء ذلك. مطالبة اتّحاد المصنّعين أن يضع نصب عينيه مصلحة مواطني حيفا.
بالطبع أن الصراع الطبقي في هذا المضمار واضح، ولطالما فضّلت السّلطات الإسرائيليّة أصحاب رأس المال على المواطنين أنفسهم، أهملت المخاطر البيئية مطوّلًا لأجل المصالح الاقتصادية، أهملت سلامة وأمن السكان العرب واليهود على حد سواء رغم التحذيرات الكثيرة من أعضاء البلدية.
عندما كان أعضاء البلدية العرب في المعارضة بالمجلس البلدي، دعموا تحرّك الخضر لأجل إغلاق خزّان الأمونيا، ولبث هذا الموقف صامدًا، ولكن “على السّكيت” كما يُقال، تركنا كمواطنين عرب هذا النضال للبيئيّين في المجلس البلدي، ولكن يجب ألا يبقى الحال على حاله.
كلمة لا بد منها: شكرًا (أبو الهادي)، الشيخ حسن نصرالله، باسم مواطني حيفا أوجّه لك الشكر، لأنّه بكلمة منك، بدأت تتحرك عجلات الحكومة باتّجاه نقل الحاوية من حيفا.
يجب أن نتوجّه بالشكر لأبي الهادي، لكن عليه أن يعلّق تنفيذ تهديداته، ويجب الضغط على بلديّة حيفا والحكومة لأجل العمل بجهد أكبر لتنفيذ الأمر بنقل الحاوية.
في العام 2006 عرف عرب حيفا الحزن أيضًا، فلم نسلم من صواريخ تنظيم حزب الله التي طالت حي وادي النسناس كذلك. الصّاروخ لا يفرق بين دم ودم.
نحن سكان حيفا الأصلانيين، أهلها، حيفا تهمنا، وعلينا ألا نبقى صامتين بوجه هذا الخطر المحدق بنا أيضًا ويهدد سلامتنا.
unnamed (5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *