إقامة جدار عازل حول مخيم عين الحلوة…

مراسل حيفا نت | 28/11/2016

شهدت ألمانيا الشرقية في أواخر الثمانينات حركة انتفاضات شعبية ضد النظام الشيوعي، أدت إلى سقوط النظام وإلى إزالة جدار مدينة برلين في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 1989، حيث كان هذا الجدار يفصل شطري المدينة إحداهما غربية تابعة للمعسكر الغربي والأخرى شرقية تابعة للمعسكر الشرقي.
وقد اعتقد العالم آنذاك بأن القضاء على جدار برلين، قد أنهى عهد الجدران العنصرية. لكن إسرائيل كسلطة احتلال أرادت مواصلة بناء الجدران العنصرية الفاصلة، حيث أقدمت في العام 2002 على بناء جدار بهدف عزل القدس الشرقية عن مناطق الضفة الغربية، وكذلك عزل الضفة الغربية عن مناطق الــ 48، ولا يزال جدار القدس العنصري لغاية الآن شاهداً على عنصرية سلطات الاحتلال.
الرئيس اللبناني العماد ميشيل عون، الذي تم انتخابه مؤخراً كرئيس للدولة اللبنانية، وعد شعبه ببداية عهد جديد في تاريخ لبنان. ويبدو أن عون أراد بدء ما وعد به شعبه بإجراء عنصري ضد الفلسطينيين. فقد ذكرت مصادر إعلامية في بيروت، أن الجيش اللبناني شرع ببناء جدار فاصل حول مخيم عين الحلوة الذي يقع بالقرب من مدينة صيدا في جنوب لبنان، والذي تبلغ مساحته حوالي كيلومتراً مربعاً واحداً ويقطنه 80 ألف لاجئ فلسطيني. هذا المخيم هو أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان من حيث عدد السكان، ومعظمهم نزح في العام 1948 من قرى الجليل.
معلّقون سياسيون لبنانيون، قالوا إن جدار مخيم عين الحلوة هو “جدار العار” كونه يحاصر سكان المخيم بشكل تام، والذي سيصبح أشبه بالسجن، كما أن الدخول والخروج منه سيكون عبر حواجز الجيش اللبناني. هذا الجدار العنصري اللبناني الذي سيستغرق بناؤه 15 شهراً، ويشرف على بنائه ضباط من الجيش اللبناني، يشبه في الواقع وإلى حد كبير، جدار الفصل العنصري الإسرائيلي العازل لمناطق الضفة الغربية والقدس الشرقية.
البروفيسور في العلوم السياسية والناشط اليساري اللبناني أسعد أبو خليل، عقّب على بناء جدار عين الحلوة بقوله: “إن هذا الجدار هو مشروع صهيوني داخل لبنان، وإن كل طرف أو حزب لبناني يسكت عن هذا المشروع الحقير، ولا يدينه بأشد العبارات ويطالب بوقفه فوراً، إنما هو مشارك حكماً في نشر الفكر والممارسة الصهيونيّة في لبنان”.
قيادات فلسطينية طالبت المسؤولين اللبنانيين بإجراء تعديل في هيكلية الجدار، ولا سيما تعديل مكان أحد أبراج المراقبة لقربه من منازل داخل المخيم، والذي يبلغ ارتفاعه تسعة أمتار، وقادة آخرون أدانوا عملية البناء برمتها. لكن المشكلة ليست فقط في برج معين إنما في كافة أبراج المراقبة، المنوي إقامتها حول المخيم، والتي تشبه أبراج المراقبة الإسرائيلية في مخيم الاعتقال السابق “أنصار”. لكن أصوات الاعتراض الشعبي داخل المخيم كانت ولا تزال الأقوى وترتفع باستمرار ضد إقامة الجدار.
المعلومات المتوفرة، تتحدث عن وجود مطالبة شعبية لبنانية للقوى السياسية اللبنانية باستنكار ورفض بناء الجدار، واتهمت القوى السياسية الفاعلة في لبنان بعدم القيام بواجبها لمنع إقامته.
المخطط العسكري اللبناني ينص على بقاء جنود في أبراج موزعة على طول الجدار المحاذي للأحياء السكنية في المخيم، لمراقبة كل تحركات سكان المخيم، وكأن فلسطينيي المخيم في دائرة شبهة مستمرة. وإضافة إلى العامل السياسي ضد الفلسطينيين، فإن الأمر غير الإنساني في بناء هذا الجدار، هو زيادة معاناة اللاجئين الفلسطينيين في المخيم، كونه يقيّد حركتهم ويحد من خروجهم ودخولهم إليه.
بقي علينا القول، كمعلومة مهمة للقارئ، أن الرئيس اللبناني ميشيل عون، كثيراً ما أعلن عن مواقف ترفض الوجود الفلسطيني في لبنان، ومواقف تدعو إلى مغادرة الفلسطينيين لبنان إلى الدول العربية. وهو الذي وقف بوجه أي تحسين في أوضاعهم الاجتماعية. كما أن عون هو أيضاً صديق حميم لقيادات إسرائيلية يمينية. وكان حليفه الحالي حسن نصر الله، قد ذكر في خطاب له نشرته صحيفة “النهار” في 6 نوفمبر 1989 أن “ميشال عون مشكلة، لأنه حالة إسرائيلية صدامية وتدميرية”.
ويبدو أن هذه الحالة تبددت من قاموس نصر الله بعد تحالف الاثنين لمصالح سياسية، وأصبح عون (الماروني) صديق إسرائيل الحميم، في جبهة واحدة مع نصر الله (الشيعي) زعيم حزب الله االموالي لإيران.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *