أهل الزوج/ة ليسوا أقارب؟

مراسل حيفا نت | 15/09/2016

يبدو أن للتمييز والتفرقة وتفضيل هذا على ذاك بناء على اعتبارات غير قويمة أشكالاً وألواناً لا عدّ ولا حصر لها، يكاد العقل يعجز عن إدراكها أو التكهّن بها…
ونحن نشكر الله سبحانه تعالى ونحمده ليل نهار لأننا استطعنا أن نترك “جهاز” التربية والتعليم و”نحن في كامل قوانا العقلية”، ولم يعد يربطنا به الكثير والحمد لله، ولا يجمعنا به سوى التأثر ببعض ما نسمعه من تغيرات وتحولات طرأت عليه بعضها لا يستوجب الإطراء ولا المديح!
وكما قلنا فقد يبلغ التمييز أحياناً ذرى جديدة ويتجاوز كل منطق وصواب!
وقد تسنى لنا أن نطلع بطريق الصدفة على عدد “حقوقك” من مجلة نقابة المعلمين المعروفة باسم “صدى التربية”، ولفت نظرنا البند 222 الذي يتحدث عن إجازة حداد، والذي يحدد “قريب عائلة” كالتالي (حرفياً):
أ‌. ليهودي: أب، أم، ابن، ابنة، أخ، أخت، زوج أو زوجة!
ب‌. لمسلم ولمسيحي – درجة قرابة أولى: أب، أم، ابن، ابنة، أخ، أخت، زوج وزوجة!
قرابة درجة ثانية: جدّ، جدّة، حفيد، حفيدة، عم/خال، عمة/خالة (قرابة دم وليس قرابة مصاهرة).
ج. لدرزي: أب، أم، ابن، ابنة، جدّ، جدّة، أخ، أخت، حفيد، حفيدة، والد الزوجة، زوج الابنة، صهر، صهرة، إبن أخ، أبنة أخ، عم/خال، عمة/خالة، ابن عم/ابن خال، ابن عمة/ابن خالة، زوج أو زوجة!
زوج أو زوجة – بما في ذلك امرأة معروفة لدى الجمهور (ידועה בציבור)
ابن أو ابنة – بما في ذلك ابن من أم أخرى أوم متبنى وفقاً للقانون.
أخ أو أخت – بما في ذلك أخ أو أخت كذلك من ناحية أحد الأبوين فقط!
ونحن أولاً وقبل كل شيء نرجو للجميع العمر المديد والسعيد، ولا نتمنى الموت لأحد، ونرجو أن يبعد الله شبحه عن الجميع!
لكن هذه هي سنة الحياة ومشيئته تعالى، ولا بد من أن تأتي تلك الساعة!
ومن يقرأ تلك القائمة الآنفة الذكر لا بدّ من أن يرفع حاجبيه تعجباً ودهشة واستغراباً!
فالمعلمون المسلمون والمسيحيون لا يسمح لهم بالغياب في حالة وفاة قريب من جهة “قرابة المصاهرة”!
أي أن المعلم المسلم أو المسيحي إذا توفي حموه أو زوجة حميه أو أحد أبناء أو بنات حميه لا سمح الله فلا يحقّ له الغياب ولو يوماً واحداً للمشاركة في تشييع الجثمان، ومثله المعلمة المسلمة أو المسيحية!
وسيبقى هؤلاء يمارسون “أقدس مهنة” ويعلمون ويربّون النشء في حين ينهمك الأهل والأقارب والأصدقاء والجيران في تشييع جثمان الذي اختاره الله لجواره!
وذلك لأنّه إذا توفي لا سمح الله أي قريب من أقارب الزوجة فلا يحق لزوجها الغياب والمشاركة في تشييع الجثمان، وينسحب هذا الأمر على الزوجة أيضاً، إذ تحرم من حقّ الغياب في حالة وفاة أحد أقرباء الزوج!
هذا هو القانون والقانون يجب أن يطبق!
وليس من السهل تخيّل حال مثل هؤلاء المعلمين في مثل هكذا ظرف!
وما الحل وما العمل وما البديل؟
وهل باليد حيلة سوى التصريح عن الغياب لأسباب مرضية؟
ألا يحمل مثل هذا الوضع المعلمين بل يرغمهم إرغاماً على إبقاء ضمائرهم نياماً بل حتى على تخديرها ليتمكن هؤلاء من المشاركة في تشييع جثمان قريب لهم تربطهم به “صلة المصاهرة لا صلة الرحم”؟
وهل أشدّ غرابة من وضع كهذا؟
وتثور إزاء هذا الوضع الغريب العجيب أسئلة كثيرة:
ترى، ألا يحزن المعلم عند وفاة أيّ من أقارب زوجته ويحزن فقط إذا توفي أحد أقاربه هو؟
أم أن المعلمة لا تحزن عند وفاة أيّ من أقارب زوجها ولا تحزن إلا إذا توفي أحد أقاربها هي؟
ألا يستحقّ المعلمون الغياب ولو يوماً واحداً للمشاركة في تشييع جثمان قريب “بالمصاهرة”؟
وهل هذا الوضع “طبيعي” و”معقول” في بلد يعتز بقوانين العمل والمحافظة على حقوق العاملين فيه؟
وهل هذا هو العدل والمنطق؟ أم ماذا؟
وترى، من هو الذي وافق على مثل هذا القانون وأقرّه وكيف رضي به؟
وأين هم ممثلو المعلمين المسلمين والمسيحين في نقابة المعلمين وسواها ليرفعوا صوتهم عالياً وعالياً جداً حتى يحصلوا على هذا الحقّ الطبيعي المشروع؟
وأين هم أعضاء الكنيست العرب الذين لا يوفرون جهداً لمعالجة القضايا التي يشكو منها جمهورهم؟
وأين هي الرئاسات والقيادات والزعامات والهيئات الدينية والسياسية والاجتماعية المختلفة للمسلمين والمسيحين والتي يفترض أنها تمثلهم وتعالج قضاياهم وترعى شؤونهم؟
أجل، أين هم كل هؤلاء من هذا التمييز الصارخ؟
ولماذا لا يبادرون إلى إصلاح هذا الغبن والإجحاف؟
أم أن المعلمين لا يستحقون معالجة قضاياهم والوقوف إلى جانبهم ، وأن لا أحد “يكيل” بصاعهم في مأزق أو موقف كهذا؟
أما عندما يتنادى القوم للانتخاب والتمثيل فيتسابق الكثيرون لخطب ودهم وكسب ثقتهم والفوز بأصواتهم!
أم أن “العدل اسم طواه الناس في الكتب”، والمساواة أمنية بعيدة المنال لن تتحقّق حتى في أيام الحداد؟
unnamed-4

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *