طريق الجنّة في طلب العلم

مراسل حيفا نت | 30/08/2016

الشيخ رشاد ابو الهيجاء rrraa11
ونحن على أعتاب السّنة الدراسيّة، يُلزم أن نوجّه الأبناء والآباء إلى أهميّة طلب العلم. طلب العلم من أشرف العبادات وأرقاها بعد الفرائض. فالعالِم والمتعلّم يبشرهما الرسول (ص) بمنزلتهما العظيمة عند الله. قال رسول الله “فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم، إنّ الله وملائكته وأهل السّموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلّمي النّاس الخير”.
وجاء أنّ رسول الله قال لأبي ذر “يا أبا ذر لأن تغدو فتتعلّم بابًا من العلم خير لك من أن تصلّي ألف ركعة”، أي (ألف ركعة نافلة)، وخاصّةً إذا كان العلم يوافق الشّرع لأنّ علامة فلاح المرء وإرادة الله الخير لعبده أن يفقه في الدّين.
وقد انتبه الإمام الشّافعي إلى ذلك، فقال: “إن الاشتغال بطلب العلم أفضل ما تنفق فيه نفائس الأوقات”، لأنّ في العلم تُحفظ الأنفس من الضّياع وفي العلم يُعرف الحلال من الحرام والحق من الباطل والهدى من الضّلال. لذلك قال أحدهم: واعلموا أنّ الاشتغال بطلب العلم أفضل من نوافل العبادات البدنيّة، لأنّ نفع العلم يعمّ صاحبه ويعمّ النّاس، وأمّا العبادات البدنيّة فمقصورة على صاحبها.
ولأنّ العلم مصحّح لغيره من العبادات فهي تفتقر إليه وتتوقّف عليه. ولا يتوقّف العلم عليها. فإنّ العابد الجاهل قد يقوم بعبادة فاسدة تكون عليه وبالًا. وأنّ الشيطان قادر على أن يزيّن للعابد عملًا باطلًا فيوقعه فيه ويضلّه وغيره من النّاس الذين هم على شاكلته. وأمّا العالِم والمتعلّم فهما على بيّنة من أمرهما فيغلبان الشّيطان بعلمهما. العالِمون والمتعلّمون يحفظون دينهم ودنياهم من الفساد فيكون طلب العلم حياة للنّاس. من أجل ذلك، حثّ الرسول النّاس على العلم وأمر الله بطلبه والازدياد منه ولم يأمر الله نبيه في القرآن بطلب الازدياد من شيء إلّا من طلب العلم فقال: (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا).
لذا نبعثها رسالة لطلّابنا الأعزّاء نقول لهم فيها شدّوا الهمّة في تحصيل العلم والتّقوّي فيه. ففي العلم تحفظون أنفسكم وأهاليكم وكلّ شيء عزيز عليكم. ويكفيك يا طالب العلم شرفًا أنّك بطلبك للعلم تسلك طريقًا إلى الجنّة. جاء ذلك على لسان رسول الله الذي قال “مَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنّة”؛ وقال “مَن خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتّى يرجع”. ولقد اعتبر الرّسول (ص) العلم والتّعليم من الأمور الواجبة؛ فقال: “ما بال أقوام لا يفقهون جيرانهم ولا يعلّمونهم ولا يعظونهم ولا يأمرونهم ولا ينهونهم. ما بال أقوام لا يتعلّمون من جيرانهم ولا يتفقّهون ولا يتّعظون. والله ليعلمن قوم جيرانهم ويفقهونهم ويعظونهم ويأمرونهم وينهونهم، وليتعلّمن قوم من جيرانهم ويتفقّهون ويتّعظون أو لأعاجلنهمّ العقوبة”. وقال: “مَن كتم علمًا ممّا ينفع الله به النّاس في أمر الدين ألجمه الله يوم القيامة لجام من نار”. وبناءً عليه نرى أنّ طلب العلوم النّافعة من الفرائض التي لا يجوز التّهاون بها فقد كانت للعلوم المنزلة العظيمة في نفوس العظماء وبها كانوا يقيّمون النّاس.
قال الإمام الشّافعي “مَن تعلّم القرآن الكريم عظّمت مكانته ومن نظر في الفقه نبل قدره ومن كتب الحديث قوّيت حجّته ومن نظر في اللّغة رق طبعه ومن نظر في الحساب جزل رأيه”. وكتب عمر بن الخطّاب إلى الولاة “أمّا بعد فعلّموا أولادكم السّباحة والفروسيّة ورووهم ما سار من المثل وحسن من الشّعر”.
وذات مرّة رأى المفضل بن زيد ولدًا فأعجب بمنظره، فسأل أمّه عنه؛ فقالت: “إذا أتمّ خمس سنوات أسلمته إلى المؤدّب فحفّظه القرآن فتلاه وعلّمه الشّعر فرواه ورغب في مفاخرة قومه وطلب مآثر آبائه وأجداده، فلمّا بلغ الحلم حملته على أعناق الخيل فتمرّس وتفرّس ولبس السّلاح ومشى بين بيوت الحي وأصغى إلى صوت الصّارخ”.
ومن طرائف ما رُوي أنّ رجلًا من ثقيف دخل على الوليد بن عبد الملك. فقال له الوليد: أقرأت القرآن؟ قال الأعرابي: لا يا أمير المؤمنين شغلتني عنه أمور وهنات. قال الوليد: أفتعرف الفقه؟ قال الأعرابي: لا! قال الوليد: أفرويت من الشّعر شيئًا؟ قال الأعرابي: لا. فأعرض الوليد عن الأعرابي. فقال أحد الجالسين: يا أمير المؤمنين، وأشار إلى الرجل. فقال الوليد: أسكت ليس معنا أحد.
وانطلاقًا من هذا الفهم وتمشّيًا مع الواقع الّذي نعيشه، أقول: إنّ المدارس في بلادنا ستفتح أبوابها، وعلينا دعمها. سندعم المدارس الأهليّة التي لها الدّور الرائد في تربية وتعليم أبنائنا ونرى بما تطلبه من ميزانيّات هو حقّها الطّبيعي الذي يجب أن يوفَّر لها دون جهد من القائمين عليها. كما ندعم المدارس الحكوميّة التي لا يتردّد القائمون عليها من دفع مسيرة التّعليم فيها إلى الأمام وإلى النّهوض بالأبناء نحو القمم وفي المقابل نُلزم أنفسنا بأن نقدّم لمجتمعنا شيئًا وفق اختصاصنا.
لذلك أعلن عن استعدادي عن فتح صفّ تعليميّ في مجال القرآن والفقه، وغيرها من المواضيع التي يحتاج إليها كلّ واحد منّا. وأقول كما قال الله تعالى (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْري إِلاّ على اللّه). فمَن أراد أن يلحق أبناءَه فعليه التّواصل معي عبر هاتفي الخاصّ: 0547310664

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *