البروفيسور تيسير إلياس أوّل عربي في البلاد يحمل لقب الأستاذية في الموسيقى

مراسل حيفا نت | 12/08/2016

* البروفيسور العظيم منير بشير قال لتيسير إلياس: أنت خليفتي في الشّرق الأوسط! *

لقاء أجراه نايف خوري

البروفيسور تيسير إلياس، ابن لعائلة من البعنة، ولد عام 1960 فيها، ثمّ انتقل إلى شفاعمرو وتخرّج من مدارسها الابتدائية والثانوية، والتحق بمعهد “روبين” لتعليم الموسيقى في حيفا، وانتقل لدراسة الموسيقى في الأكاديميّة للموسيقى والفنون في القدس وحصل على اللقب الأول، أما اللقب الثاني فحصل عليه من الجامعة العبرية في القدس وكذلك اللقب الثالث، الدكتوراه بامتياز. أسّس قسم الموسيقى العربية في أكاديمية الفنون في القدس، وترأسه مدّة 17 عامًا، وعمل محاضرًا في جامعة “بار إيلان” في تل أبيب، وهو اليوم يحمل لقب الأستاذية الكاملة كمحاضر كبير في قسم الموسيقى في جامعة حيفا.. متزوّج من ميراندا وهي مطربة شاركته بعدّة أعمال فنية في البلاد والخارج، وله أربعة أولاد: سيرين (عازفة البيانو) وإلياس (عازف الكمان)، وقد ظهرا مع فرق سيمفونية عديدة في البلاد والخارج، ثمّ حلا وريما لا تزالان في المرحلة الابتدائيّة وتعزفان على البيانو.

– أستاذ تيسير، أنت تعشق الموسيقى منذ صغرك.
صحيح، فعشقي للموسيقى منذ الولادة، وترعرع معي.. لأنّ الموهبة ربانيّة، وهناك من ينمّيها ويطوّرها، وهناك من يهملها نتيجة عدم توافر الظروف المناسبة. ولذلك وضعت نصب عيني ألّا أكتفي بالموهبة، بل يجب الحفاظ عليها وتقديسها لأنّها عطية من الله عز وجل، وذلك عن طريق تنميتها وصقلها بالدراسة والعلم. فالموهبة شرط أساسي لكل فنان، ولكن يجب صقلها بالعلم والدراسة والكد والجد والتّضحية والعمل الدؤوب. وعلى الفنان أن يكون بمثابة وعاء أو إناء صالح ونقي للحفاظ على قدسيّة هذه الموهبة.

– بدأت حياتك الفنيّة عازفًا على الكمان مع فرقة موسيقيّة في الحفلات والأعراس.
نعم، فقد بدأت العمل في الحفلات والأعراس لتحصيل القوت ولقمة العيش. ولكن سرعان ما توصّلت لقناعة بأن هذا المجال، أي الحفلات، ليست المستقبل الذي أريده لنفسي. بل رأيت من الأفضل أن أتطوّر وأنمو فنيًا وأن أبلغ النطاق العالمي، وأطرق المستويات العالمية. ولا يمكن تحقيق ذلك إلّا إذا اجتهدت ودرست وضحّيت بالكثير من أجل الموضوع.

– كيف شعرت بذلك وتوصّلت إلى هذا القرار؟
بصراحة كان هذا منذ البداية، أي بعد السّنة الأولى من عملي كعازف، وكانت تنقصنا المؤسّسات والمعاهد العليا التي يمكن الالتحاق بها لإتمام الدراسة. وكانت تلك الخطوة نوعًا من المجازفة أو المغامرة، خاصّة أن والدي كان يقول، واعتقد مثل آباء كثيرين، إنّ الفن لا يطعم الخبز في بلادنا. وكنت أردّ قائلًا لا يهمني أن آكل الخبز، بل أبحث عن الغذاء الرّوحي لا الجسدي. والحمد لله لم يذهب الجهد سدًى، ولو كان المرحوم والدي على قيد الحياة الآن لأعرب عن رضاه عنّي وبارك خطواتي.

– أنت أوّل عربي في البلاد يحمل لقب الأستاذية في الموسيقى؟
فعلًا، هذا أمر مشرّف ويبعث على الفخر والاعتزاز؛ فأنا أوّل عربي يحصل على الدكتوراه بالموسيقى من جامعات البلاد، وثم الأستاذيّة كبروفيسور عربي وحيد بالموسيقى في هذه الدّيار..

– نجد اليوم العديد من الشّباب العرب الذين يرغبون إتمام دراستهم الموسيقية الأكاديمية.
أقول هنا لا للمفاخرة، بل على سبيل الموضوعيّة، إنّ افتتاح قسم الموسيقى العربية الذي أقمته في أكاديميّة الموسيقى في القدس عام 1995 كان نقلة نوعيّة وتاريخيّة في البلاد، وهذا أثّر على العالم العربي. لأنّه لم يكن قبل ذلك أي معهد عال أو أي مؤسسة أكاديميّة كي يلتحق بها طلاب التخصص الموسيقي من العرب. واستدعيت الزملاء الموسيقيّين المعروفين، وقد كانوا طلّابًا، وأصبحوا اليوم مدرّسين في المعاهد والمؤسّسات الأكاديميّة. وأصبح عدد الخرّيجين أكثر من 15 فوجًا من الموسيقيّين الذين يحملون اللقب الأول والثاني في الموسيقى، ومنهم من أنجز اللقب الثالث أيضًا. وهذه هي الثورة الحضاريّة والثقافية بكامل معانيها.

– كان اهتمامك بالتّعليم الأكاديمي الموسيقي منذ سنوات..
أنت، أستاذ نايف، تذكر المؤتمر الموسيقي الأوّل الذي كنّا فيه وأقامته مؤسّسة “الغربال” في النّاصرة، وترأست أنا هذا المؤتمر، فقد حضرت وزيرة المعارف والثقافة ذلك الحين شولاميت ألوني. وكنت قد أعددت كلمة شاملة عن وضع الموسيقى وتعليم الموسيقى في المجتمع العربي. ولكن الوزيرة همّت بمغادرة المؤتمر، فطلبت منها التريّث وعدم المغادرة حتى تسمع أقوالي. وفعلًا جلست وأنصتت، وطلبت من يوسي فروست، الذي كان مساعدًا لها، الحصول على نسخة من كلمتي، لأنّي وجّهت حديثي إليها وقلت، نحن لا نريد أموالًا، لأنّك اعتدت على مطالبة المؤسّسات لك بالميزانية أو تمويل، فأنا لا أريد ميزانيّات ولا أي تمويل، بل أريد أن أقلب الهرم رأسًا على عقب، وأبدأ من الأعلى، من رأس الهرم. وطالبت ببناء قسم للموسيقى العربيّة، واستيعاب الطلّاب العرب الموهوبين للتّعليم، ومن ثم ينتشرون في المدارس والمؤسسات والمجتمع العربي لنشر الثقافة الموسيقيّة بشكل أكاديمي وعلمي صحيح. وفعلًا كان هذا بمثابة حلم راودني آنذاك، وها أنا أحقّقه اليوم. وهكذا بعد مضي عامين توجّهوا إليّ لإقامة القسم العربي في أكاديميّة الموسيقى بحيث أتولّى رئاسة هذا القسم.

– كيف بدأت عملك في تلك الأكاديميّة؟
تشاء الظّروف والصدف أن أدعى لكونسيرت كي أعزف كونشيرتو للعود والبيانو في أوركسترا مدينة ليل في فرنسا، وكان قائد الأوركسترا البروفيسور أفنير بيرون مدير الأكاديميّة في القدس. وحقّق الكونسيرت نجاحًا لا يوصف، وعندما انحنينا أمام الجمهور في ختام العرض، أمسك المدير بيدي وقال يجب أن نجلس حالًا فور النزول عن المسرح كي نتّفق على موضوع الأكاديميّة. وهكذا اتّفقنا على كافّة التفاصيل في فرنسا لفتح القسم العربي في الأكاديميّة، وكان ذلك قبل أسبوعين من بدء السّنة الدراسيّة. وشرعت بالاتّصال بالشباب الذين أعرفهم كميخائيل مارون وسامي خشيبون وتيسير حدّاد وسمير مخّول ونزار روحانا وغيرهم، وشجّعتهم لدراسة الموسيقى ليوم واحد في بداية الأمر. وبلغ عددهم 35 طالبًا في البداية، وتخرّج منهم 22. واليوم أصبحوا مدرّسين في الأكاديميّة، وعلى سبيل المثال فالدكتور ميخائيل مارون الذي كان تلميذي من الفوج الأوّل يترأس بدلًا منّي القسم العربي اليوم، الذي يتعلّم فيه نحو 80 طالبًا.

– هناك عدد من المعاهد والجامعات التي افتتحت قسمًا للموسيقى فيها.
طبعًا الوضع اليوم مختلف عمّا كان سابقًا، ومعظم الجامعات حذت حذونا وأقامت فروعًا لتعليم الموسيقى. وإذا نظرنا إلى هذه الأقسام نجد أنّنا حقّقنا ثورة فعلية ونوعيّة في مجتمعنا العربي، وأي فعالية موسيقيّة ذات مستوى رفيع تجد أبطالها وأهم العازفين والموسيقيّين فيها من طلّابنا. وأصبح لدينا كادر موسيقي مثقّف ومتعلّم، وهذا رصيد لثقافتنا عمومًا والموسيقيّة خصوصًا.

– وبعد أن اتّخذت موقعك اليوم في مجال تدريس الموسيقى، انطلقت إلى العالم لتعرض فنّك ومهاراتك وموسيقاك. وظهرت في العديد من المهرجانات المحليّة والعالميّة إلى جانب أسماء لامعة في دنيا الموسيقى في العالم. وأدرج اسم الفنّان العالمي تيسير إلياس في موسوعة مشاهير العالم، وفي موسوعة أبرز 2000 مثقّف في العالم التي صدرت عن جامعة “كامبردج” عام 2004..
فعلًا يبدو الأمر كمهمّة شبه مستحيلة، ولكن بالحقيقة عزفت مع أكبر الفرق الموسيقيّة والسيمفونيّة والفلهارمونيّة في العالم، ورافقت كبار قادة الفرق، في فرنسا، ألمانيا، أمريكا، إيطاليا، وفي العام القادم، وتحديدًا في أيّار، سأعزف طيلة شهر كامل مع الفرقة الفلهارمونيّة في فرنسا، وسأعود إلى البلاد لسلسلة عروض محليّة. وظهرت على أهم المسارح في العالم، مثل الملعب الأولمبي في مدينة برشلونة الإسبانيّة، وبلغ الجمهور هناك ما يفوق 200 ألف شخص، حيث جلس الناس على المدرّجات وعلى أرض الملعب بازدحام كثيف، وهذه أوّل مرة أعزف فيها أمام هذا الحشد الكبير من الجمهور بحضور ملك إسبانيا والأمين العام للأمم المتّحدة، وغيرهم من الشخصيّات العالميّة. وتمّ بث هذا الحفل الكبير مباشرة لجميع أنحاء العالم. كما عزفت في البيت الأبيض وفي مؤتمر علمي في مالطا بحضور 65 عالمًا من الحاصلين على جائزة نوبل. وفي موقع آخر كنت في مبنى السّنات الفرنسي بمرافقة قائد الأوركسترا لدار الأوبرا المصريّة المايسترو نادر عبّاسي.

– حصل معك أمر طريف هناك.
صحيح، هذا المبنى يعتبر تحفة معماريّة وفنيّة متكاملة، من السجّاد الأحمر على الأرض وحتى الجدران المزيّنة بأجمل اللّوحات والصّور الذهبيّة. وما حدث، أنّي طلبت الانفراد جانبًا كي أدوزن العود الذي أحمله، وفتّشنا عن مكان قريب، وإذ بهم يرشدونني إلى مكان جانبي فخم، وفيه مقعد أكثر فخامة، وقالوا تفضّل بالجلوس هنا وأصلح العود، وسألت ما هذا المقعد فقالوا إنه كرسي العرش للملك لويس الرّابع عشر.

– أودّ الإشارة إلى ثلاثة لقاءات مميّزة لك مع شخصيّات موسيقيّة لا تنسى.
إنّك تعيد إلى الذاكرة لبضع سنوات خلت. فلا غرو، لأنّنا كنّا معًا، أنت وأنا نعمل طيلة سنوات في غرفة واحدة في الإذاعة.

– لو سمحت بالحديث عن باكو دي لوتشيا الإسباني، وديع الصّافي والعملاق منير بشير.
كنت منذ أسبوعين في مدريد، وعندما نذكر باكو دي لوتشيا في إسبانيا فكأنّما تذكر أسطورة رائعة في عالم الموسيقى الإسبانيّة. وعندما علموا أنّني عزفت مع باكو أجروا معي لقاءات صحفيّة نشرت في 16 صحيفة إسبانيّة. وقد عزفت معه بمرافقة فرقته السباعيّة، وقد زار بلادنا من قبل، ولحسن حظّي أني عزفت معه معزوفة له بعنوان “زرياب” وفي آخر العرض جرى حوار موسيقي بغاية الصّعوبة والاتقان بيني وبينه، هو على الجيتار وأنا على العود، وكان ذلك في القدس وفي قيسارية. وبعد الانتهاء من العرض أخذ الجمهور يصافحنا لأكثر من نصف ساعة متواصلة.

– وماذا عن لقائك بالعظيم وديع الصّافي؟
هذا العظيم حبيبنا ومعلّمنا وأبونا الرّوحي ومصدر إلهامنا ووحينا، ومهما قلنا عنه نكون مقصّرين بحقّه. أنت، أستاذ نايف، كنت شريكًا في التواصل بيني وبينه، حيث نقلت له رسالة منّي أثناء إعدادي لأطروحة الدّكتوراه، وكانت رسالته بالصّوت والصّورة. وكان لي الشرف الكبير بالتعرّف عليه عن كثب، والاجتماع به لساعات طويلة، نتحدث عن كل شيء في الموسيقى والغناء والأصوات، والسماويّات والأرضيّات، فقد كان موسوعة يحمل روحًا ملائكيّة. وأعرب عن إعجابه بمدى إلمامي وفهمي لموسيقاه، ومحبّتنا لفنه وعبقريته وعظيم تقديرنا لشخصه الفذ. وفعلًا فقد خصّصت فصلًا كاملًا من أطروحة الدكتوراه للعظيم الصّافي كنموذج رائع لبحث العلاقة بين الأنماط المكتسبة والأنماط المدروسة بالموسيقى العربيّة وعن العلاقة الوطيدة بين المعرفة الحدسيّة والمعرفة الإدراكيّة.

– أمّا المبدع العملاق البروفيسور منير بشير؟
وهنا كان لك دور في ترتيب اللّقاء الأوّل لي معه في عمّان. وقد طلبت منّي أن ألتقي مع هذا العظيم لأنّي سأسافر إلى عمّان في ذلك الحين، وأعطيتني رقم هاتفه الشّخصي. وهناك، وبعد أن استقرّ بنا الحال في الفندق، اتّصلت بهاتفه في ساعات بعد الظهر، وإذ بالهاتف يرفع ويقول بصوته الفخم أهلًا. قلت مرحبًا، أستاذ منير؟ قال: نعم، تفضّل. قلت: يتكلّم معك تيسير إلياس. وما أن أخبرته، حتى هتف قائلًا أخي تيسير، صديقي وحبيب روحي، أين أنت؟ يجب أن أراك حالًا. فقلت له: أنا في عمّان وسأحضر إليك بعد دقائق. وهكذا أمضينا أجمل سهرة معًا، وبقينا نسهر حتّى ساعات الفجر، ولم يكتف الواحد منّا من هذا النبع الفيّاض والغزير من الفن والموسيقى والعود. علمًا أنّه كان، رحمه الله، يحمل أربع شهادات دكتوراه بالعود، ويقول ها أنا أحمل عودي أتحدّث عنه وأعزف عليه للعالم.. وأنّه رغم الأموال الباهظة بين أيدي المسؤولين العرب، فإنّنا لا نجد مصنعًا واحدًا لأيّ أداة موسيقيّة في هذا الشّرق.. وطلب منّي القدوم إلى مؤتمر الموسيقى العربيّة في القاهرة كي نعزف معًا، ونعرض عبقريّة وجمال العزف على العود للعالم العربي. ولكن للأسف الشّديد فقد توفي قبل أيّام من هذا المهرجان، ولم يتحقّق حلمي الكبير بأن أعزف معه، فاضطررت للعزف بمفردي. ورغم أنّنا عزفنا على عوده الشّخصي في تلك اللّيلة في عمّان، وهناك قال لي أمام ابنه عمر: أنت خليفتي في الشّرق الأوسط!!

– بالإجمال، إلى أيّ مدى ترى الوضع الموسيقي مبشّرًا بمستقبل جميل عندنا؟
لا شك أن الوعي قد زاد أضعافًا لأهميّة الموسيقى وتعلّم الفنون في أوساط المجتمع. وأنا لا ألقي باللّوم على الإنسان العادي، أو حتى الموسيقي، لكن عندما تقدّم لهذا الإنسان غذاءً معيّنًا وهو يعتاد عليه، يصبح ذلك جزءًا من حياته، وهكذا الموسيقى بالنّسبة للغربيّين، فماذا ينقصنا نحن الشرقيّين وخاصّة العرب أبناء هذه البلاد لنكون كذلك؟ إنّ وسائل التّواصل الاجتماعي التي تعتبر سيفًا ذات حدّين، جعلت المعرفة أسرع وأسهل بين الجمهور. أضف إلى أنّنا نخطو بنقلة نوعيّة لبناء جيل من المثقفين موسيقيًّا وفنيًّا، وكادر من المدرّبين والمعلّمين ذوي الاختصاص والمهارة. وهذا يؤثّر على توفّر المعاهد ويزيد مجالات الدراسة والتّعليم. ومن ناحية ثانية نجد الفضائيّات وما تقدّمه لنا، يعتبر متناقضًا، لأنّها وسيلة سريعة الدّخول إلى المنازل والبيوت، وكبيرة الضّرر لما تقدّمه من أعمال هابطة وتسويق فنون مبتذلة ورخيصة، تبلغ حد الرّكاكة والإسفاف. وهذا يطغى للأسف على الأعمال الجيّدة أحيانًا. لكني متفائل لأنّ وعي الجمهور والفنّانين قد زاد نتيجة العلم والدراسة. وبينما كان عدد طلّاب الموسيقى في بداية الأمر يعدّون على أصابع اليد الواحدة، أصبح عددهم اليوم بالعشرات، وأقيمت المعاهد الموسيقيّة في شفاعمرو وإعبلين وترشيحا والنّاصرة وحيفا وغيرها. فقد أقمت معهدًا موسيقيًّا يضم خيرة الأساتذة والطلاب المميّزين، معهد “نكريز” للموسيقى، وبرأيي هذا سيحدث نقلة نوعيّة بسرعة قياسيّة لا مثيل لها. وبودّي الإشادة بوعي الطلاب والأهل الذين يضحّون بالغالي والنّفيس من أجل فلذات أكبادهم. وهذا كفيل برفع المستوى إلى أسمى المراتب. كما افتتحت قسمًا للعزف الموسيقى العربيّة في جامعة حيفا، انطلاقًا من إيماني بأنّ إيقاد شمعة أفضل من لعن الظّلام. وأنّ قيمة الإنسان تكمن في أعماله وليس فقط في أقواله أو نواياه، وفي خلق مشاريع عظيمة من البداية ذات تأثيرات إيجابيّة طويلة الأمد، وكما كان افتتاح قسم الموسيقى في القدس يعتبر مشروعًا موسيقيًّا جبّارًا سيشهد له التاريخ، فإنني أتوقع لقسم عزف الموسيقى العربيّة في جامعة حيفا نجاحًا وازدهارًا مماثلًا. وهذا من شأنه جذب عدد أكبر من الطّلّاب، الذين كان يصعب عليهم السّفر إلى القدس للدّراسة، واليوم تتوفّر لهم الفرصة لتعلّم الموسيقى في حيفا، وهذا يدعو إلى التّفاؤل والأمل المشرق إن شاء الله.

– كلمة أخيرة توجّهها أستاذ تيسير للطلّاب والموسيقيّين.
أقول لهم أن يبحثوا دائمًا عن الحقيقة في ذواتهم، ويصدقوا مع أنفسهم ليرضوا عن أعمالهم أولاً، ثمّ ليتجنبوا سياسة الكرسي الشّاغر الذي صُنع لغيرهم، بل ليصنعوا هم بأنفسهم الكرسي الذي يليق بهم وبمقاييسهم الماديّة والمعنويّة، وأرجو أن يكونوا مبدعين ليتجنّبوا التقليد الاجتراري وانتحال الأشياء ونسبتها لأنفسهم، بل يحاولوا صنع تاريخ لهم ولا يدعوا التّاريخ يصنعهم. لأنّ التاريخ يحترم الذين صنعوه وليس من صَنعهم هو.

– شكرًا جزيلًا أستاذ تيسير.
عفوًا.
IMG_2943

Oud09_9946

Taiseeer - Violin

Taiseer - OUD

Taiseer Elias

TAISEER OUD

תייסיר 2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *