كيف تنمّين لدى الطّفل شعور الثّقة بالنّفس؟

مراسل حيفا نت | 16/08/2015

 

من أهمّ ما يقدّمه الوالدان لأطفالهم، شعور الثّقة بالنّفس الّذي يؤهّلهم للتّعامل مع كلّ ما يخبئه لهم المستقبل.. فكيف ننمّي في طفلنا الشّخصيّة الواثقة بمواجهة الحياة ذات الصّعوبات.

عمليّة اتّخاذ القرارات المناسبة غير فطريّة عند الإنسان بل يمكن تنميتها من خلال التّجارب الحياتيّة، والاختبار الذّاتي.. لذا يمكن أن نبدأ مع طفل في الثّلاثة من عمره بزرع الأسس الأوليّة لتوجيهه نحو أحلامه وأهدافه، ولتطوير إمكانيّة الاختيار والتّفكير الصّحيح. فالطّفل الّذي يعالج مشاكله بشكل سليم، يدلّ على نوعيّة سلوكه في المستقبل. والبيت هو أفضل مكان لتعزيز شخصيّة الطّفل، وتنشئة استقلاله في اتّخاذ قراراته.

ليس كافيًا أن تعتني بطفلك؛ عليكِ أن تشجّعيه للإيمان بنفسه، فالثّقة بالنّفس أو تقدير الذّات هي صفه قيّمة، بدونها لا يستطيع الشّخص أن يكون على مستوى كامل من القدرات؛ وقد تولد المعوقات أمامه في علاقاته مع الآخرين. على الأم أن تسمح لطفلها القيام ببعض الأمور والفشل  فيها، وأن يشعر بالإحباط ومن ثمّ تحفيزه لإعادة الكرّة والمحاولة، إلى أن يتعلّم وينجح. الإحباط قد يحفّز على استمرار المحاولة بطاقات جديدة، ما يساهم في إدراك وتقدير النّجاح الّذي يمكن تحقيقه.

 

الشّعور بالكفاءَة (القدرة)

من الصّعب علينا أن نترك طفلنا مستسلمًا لمشاعر الإحباط والفشل، ولكن في الوقت ذاته علينا أن ندعه يشعر بصعوبة الإحباط ليدرك طعم النّجاح وصعوبته لاحقًا، عندما يحقّق هدفًا ما. راقبوا طفلًا وهو يلعب لعبة أحجية ما،  فإنّه سيقلّب القطع بطريقه أو أخرى، ثمّ يسقطها/يرميها بشكل مُحبط؛ بعدها يلتقط القطع مجدّدًا، ويحاول مرّة أخرى، فيمعن النّظر فيها وكأنّها عدوّ لدود، ولكنّه يأخذ فرصته أخيرًا. ويضع إحدى القطع على لوحة الأحجيّة ويقلّبها فتكون هي المناسبة. وهنا ينظر إلينا مُنتصرًا؛ فإذا قلنا له مثلًا: "لقد نجحت في المهمّة بنفسك"، فإنّنا سنعزّز إدراكه لإنجازه، ويحتاج الطّفل إلى القيام بالأشياء بنفسه، كي يتطوّر وينمو لديه الشّعور بالكفاءَة (القدرة).

 

الأضرار بمشاعر تقدير الذّات

يصعب على طفلك بناء شعوره الخاصّ بتقدير الذّات، جرّاء المخاوف الكامنة في اللّاوعي، الّتي تنمو لدى الطّفل، باعتباره ليس جيّدًا بما فيه الكفاية. لذا يجب ألّا نكيل الطّفل بملاحظات سلبيّة دائمًا، كي لا يصل حدًا يسمع فيه أخبارًا سيّئة عن تصرّفاته، فيعتقد أنّه سيّء جدًا.

إليكم 5 قواعد لمحاولة تجنّب ذلك:

1) الانتقاد المدمّر: الانتقاد هو من الأساليب المدّمرة والمُحبطة لتقدير الذّات. غالبيّة الآباء ينهالون بنقد أطفالهم لتحفيزهم على النّجاح، ولكنّ ذلك يزيدهم ضغطًا. إذا أردتم التّعبير عن النّقد، عليكم أن تفعلوا ذلك بشكل مشجّع؛ عندئذ يمكنكم أن تساعدوهم على التّحفيز، دون تدمير ثقتهم بنفسهم.

2) الإسراف في المدح: رغم أنّ النّقد الإيجابيّ يساعد في بناء شعور تقدير الذّات عند طفلك، إلّا أنّ الإسراف في المدح قد يشعر طفلك بالضّغط، أيضًا، أكثر من شعوره بالرّضى. عندما تريدون مدح أطفالكم، اِفعلوا ذلك بلطف وبدعم، ومن دون أيّ مقصد خفيّ يجعله يفكّر أنّ عليه دائمًا أن يقوم بهذا العمل "العظيم"، كي يرضيك ويبقيك مسرورة.

3) الاضطّهاد العاطفيّ: وهذا يشمل الهجوم الشفهيّ، التّعليقات المُحبطة، السّخرية والنّعوتات السّلبيّة، إنّ الاضطهاد العاطفيّ مُدمّر للطّفل. هاجمي الفِعل وليس الطفل. لنفرض أنّ ابنك ضرب أخاه الصّغير، قولي له بحزم: "الضّرب يؤذي. نحن لا نضرب النّاس، عندما تشعر أنّ عليك ضرب شيء ما يمكنك ضرب المخدّة حتّى تهدأ، ولكن لا يمكنك ضرب أخيك أو أيّ شخص آخر". وبهذه الطّريقة يمكن أن توصلي رسالتك له بصورة ذات تأثير، دون أن تشعريه أنّه شخص سيّء.

4) العصبيّة المُزمنة: أحيانًا كثيرة نشعر بعصبيّة، وخصوصًا عندما نكون مرهقين أو تحت ضغوط معيّنة، وعلى أطفالنا أن يتفهّموا ويتعلّموا تقبّلنا عندما نكون في مثل هذه الحالة. يمكنك المساعدة عندما تخبرين طفلك عن سبب انزعاجك، وأنّ لا علاقه له بالأمر. بعد يوم مرهق في العمل يمكنك مثلًا أن تقولي: "حدث جدال بيني وبين مديري، لهذا لست في مِزاج جيّد الآن. إذا قمت باللّعب بهدوء قليلًا، فسأجلس معك بعد العشاء جلستنا المعتادة عندما أشعر أنّي بوضع أفضل". وبهذه الطّريقة لن يلوم طفلك نفسه، ويشعر أنّه سبب مزاجك السّيء.

5) التّهديد بالكفّ عن حبّه: لا شيء يخيف الطّفل أكثر من فكرة الكفّ عن حبّه. فمنذ طفولته المبكّرة يعتمد الطّفل على حبّ والديه كعنصر أساس لبقائه. والأهالي الّذين يهدّدون أطفالهم بالكفّ عن حبّهم، سيربّون أطفالًا خائفين  قلقين. يجب إعلام الطّفل، مِرارًا وتكرارًا، بمحبّتكم وأنّ حبّكم لا-نهائيّ وسيظلّ قائمًا وثابتًا، سواء نجح أو فشل.

 

طرائق وأساليب تعزّز نمو تقدير الذّات

هنالك عدد من الجمل الّتي يمكننا استخدامها لتعزيز تقدير الذّات لدى الطّفل، تحفّزه في تعلّم أشياء جديدة، ومن هذه الجمل:

"يمكنك القيام به بنفسك.. لقد قمت فعلًا بجزء منه"؛ "استمرّ فيه.. أشعر بالفخر عندما أراك مستمرًا في المحاولة"؛ "لا بأس أن نرتكب الأخطاء… بهذه الطّريقة نتعلم جميعًا"؛ "إنّي متأكّدة أنّك تسير في الطّريق الصّحيح… هل أستطيع مساعدتك؟.. أعتقد أنّك تحتاج  فقط إلى القليل من التّشجيع"؛ "كانت تلك محاولة، ولقد أوشكت على القيام بها بشكل سليم".

(مرشدة ومرافقة لتطوّر نموّ الطّفل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *